طفق يمسح مسحا؛ أي يضرب ضربا).وقال الفرّاء:(المسح ههنا القطع)(١).
والمعنى: أنه ضرب سوقها وأعناقها؛ لأنّها كانت سبب فوت صلاته، وقال عند ذلك:
حتى لا تشغلني عن عبادة ربي مرّة أخرى. والسّوق جمع ساق.
قوله تعالى:{وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَيْمانَ؛} اختلفوا في سبب فتنة سليمان، قال بعضهم: سمع سليمان بمدينة في جزيرة من جزائر البحر يقال لها صدوق، بها ملك عظيم الشّأن، فخرج سليمان إلى تلك المدينة تحمله الرّيح حتى نزل بها بجنوده من الجنّ والانس، فقتل ملكها وسبا ما فيها، وأصاب فيما أصاب بنتا لذلك الملك يقال «لها» جرادة، لم ير مثلها حسنا وجمالا.
فدعاها سليمان إلى الاسلام فأسلمت على قلّة نيّة منها، ولم يعلم سليمان ما في قلبها، فتزوّجها وأحبّها محبة شديدة لم يحبّ أحدا من نسائه، فكانت عنده لا يذهب حزنها ولا يرقى دمعها، فشقّ ذلك على سليمان، وقال لها: ويحك! ما هذا الحزن الذي لا يذهب؟ قالت: إنّي أذكر أبي أذكر ملكه وما كان فيه وما أصابه، فيحزنني ذلك. قال سليمان: قد أبدلك الله به ملكا هو أعظم من ملكه، وسلطانا خيرا من سلطانه، وهداك للإسلام، وهو خير من ذلك كلّه. قالت: هو كذلك؛ ولكن إذا ذكرت أبي أصابني ما ترى من الحزن، فلو أمرت الشّياطين فصوّروا صورته في داري التي أنا فيها أراها بكرة وعشيّا لرجوت أن يذهب ذلك حزني، ويسلّي عني بعض ما أجد. فأمر سليمان الجنّ فمثّلوا لها صورة أبيها في دارها كأنّه هو، إلاّ أنه لا روح فيه، فعمدت إليه حين صنعوه فآزرته وقمّصته وعمّمته وردته بمثل ثيابه التي كان يلبسها.
وكان إذا خرج سليمان من دارها تغدو عليه في ولائدها حتى تسجد له ويسجدن هنّ له، وكذلك كانت تعمل بالعشيّ وسليمان عليه السّلام لا يعلم شيئا من ذلك، فكانت على ذلك أربعين صباحا، وبلغ ذلك آصف بن برخيا وكان صدّيقا، فقال لسليمان عليه السّلام: إنّ غير الله يعبد في دارك منذ أربعين صباحا في هوى امرأة، قال: في داري؟! قال: في دارك، قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون.