للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: العرم هو الفأر الذي نقب السدّ عليهم، وصفة ذلك: أن الماء كان يأتي أرض سبأ من الشّجر وأودية اليمن، فردموا ردما بين جبلين وحبسوا الماء في ذلك الرّدم، وجعلوا لذلك الرّدم ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض، وكانوا يسقون من الباب الأعلى، ثم من الباب الثاني، ثم من الباب الأسفل، فلا ينفذ الماء حتى يأتي ماء السّنة الثانية، فأخصبوا وكثرت أموالهم. فلمّا كذبوا الرّسل بعث الله عليهم جرذا نقب ذلك الرّدم، فاندفع الماء عليهم وعلى جنّتيهم، فدفن السّيل بيوتهم وأغرق جنّتيهم وخرّب أراضيهم (١).

قوله تعالى: {وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ؛} أي بدّلناهم بالجنّتين اللّتين أهلكناهما جنّتين، {ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ؛} الأكل: اسم لما يؤكل. والخمط:

شجر الأراك، ويقال: الخمط كلّ نبت قد أخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن أكله.

وقيل: هو شجر ذات شوك.

قرأ أبو عمرو ويعقوب «(أكل خمط)» بالإضافة، وقرأ الباقون {(أُكُلٍ)} بالتّنوين، وهما متقاربان في المعنى.

وقوله تعالى: {وَأَثْلٍ؛} الأثل: ما عظم من شجر الطّرفاء (٢)،وقوله تعالى:

{وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} (١٦)؛والسّدر إذا كان برّيّا لا ينتفع به ولا يصلح ورقة للغسول، كما يكون ورق السّدر الذي نبت على الماء. ومعنى قوله تعالى {(وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ)} يعني أن الخمط والأثل كان أكثر في الجنّتين المبدّلتين من السّدر. قال قتادة: (كان شجر القوم من خير الشّجر، فبدّله الله من شرّ الشّجر بأعمالهم) (٣)،والسّدر: هو شجر النّبق.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢١٩٩٣) عن وهب بن منبه.
(٢) في معاني القرآن: ج ٣ ص ٣٥٩؛ قال الفراء: (وأما الأثل فهو الذي يعرف، شبيه بالطرفاء، إلا أنه أعظم طولا).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٢٠٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>