للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قرأ حمزة والنخعيّ وحفص {(فِي مَسْكَنِهِمْ)} بفتح الكاف على الواحد، وقرأ الأعمش والكسائي وخلف: «(مسكنهم)» بكسر الكاف على الواحد أيضا، وقرأ الباقون: «(مساكنهم)» على الجمع (١).

قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ؛} أي قيل لهم: {(كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ)} يعني هذه النّعم، {وَاشْكُرُوا لَهُ؛} أي لله على نعمة هذه، وهذا حدّ الكلام، ثم ابتدأ فقال: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ؛} أي هذه بلدة طيبة أو لكم بلدة طيبة، يعني ليست بسبخة، ولم يكن يرى بعوضة قط، ولا دباب ولا برغوث ولا حيّة ولا عقرب، وأنّ الرجل الغريب ليأتيها وفي ثوبه القمل والدوابّ، فحين يرى بيوتهم تموت الدواب والقمل. والمعنى: بلدة طيّبة الهواء. وقوله تعالى: {وَرَبٌّ غَفُورٌ} (١٥)؛أي غفور الخطايا، كثير العطايا.

قوله تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ؛} أي فأعرضوا عن الحقّ وكفروا وكذبوا أنبياءهم، ولم يشكروا نعم الله، وقالوا: لا نعرف لله تعالى نعمة علينا! وقالوا لأنبيائهم: قولوا لربكم الذي يزعمون أنه منعم فليحبس عنّا نعمه إن استطاع!

قال وهب: (بعث الله تعالى إلى سبأ ثلاثة عشر نبيّا، فدعوهم إلى الله وذكّروهم نعمه، وخوّفوهم عقابه، فكذبوهم وقالوا: ما نعرف لله علينا نعمة) (٢).

قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ)،} قال ابن الأعرابيّ: (العرم: السّيل الّذي لا يطاق) (٣)،وقال مقاتل: (العرم وادي سبأ) (٤).وقيل: العرم: المطر الشديد الذي يأتي منه سيل لا يطاق دفعه، وعرمة الماء ذهابه في كلّ مذهب.


(١) ينظر: معاني القرآن للفراء: ج ٢ ص ٣٥٧.ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج: ج ٤ ص ١٨٧.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢١٩٨٥).
(٣) نقله عنه أيضا البغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٦٠.والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٤ ص ٢٨٥ - ٢٨٦.
(٤) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>