وقوله تعالى {(لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ)} من قرأ بالنصب فهو اسم قبيلة، فلهذا لم ينصرف، ومن نوّنه وخفضه فهو اسم لرجل.
قوله تعالى:{وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً} أي جعلنا بين أهل سبأ وبين قرى الأرض التي باركنا فيها وهي الأرض المقدّسة باركنا فيها بالماء والشّجر، يعني قرى الشّام ومصر، وقوله {(قُرىً ظاهِرَةً)} أي قرى متقاربة متّصلة، إذا خرج الرجل من واحدة من القرى ظهرت له الأخرى، فكانوا لا يحتاجون في سيرهم إلى الشّام إلى زاد، وكانت المرأة تخرج ومعها مغزلها، وعلى رأسها مكتلها، ثمّ تغزل ساعة فلا ترجع بيتها حتى يمتلئ مكتلها من الثّمار، وكان ما بين الشّام وأرض سبأ على تلك الصفة.
قوله تعالى:{وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ؛} أي جعلنا القرى مواصلة بقدر السّير المتّصل على قدر المقيل والمبيت من قرية إلى قرية، أنعمنا عليهم في مسيرهم كما أنعمنا عليهم في مساكنهم، فقلنا لهم:{سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيّاماً؛} إن شئتم باللّيالي وإن شئتم بالأيّام، {آمِنِينَ}(١٨)؛من الظّلم والجوع والعطش وعن جميع ما يخاف في الطريق.
(١) قاله الفراء في معاني القرآن: ج ٣ ص ٣٥٩ بلفظ: (وأمّا المؤمن فإنّه يجزى؛ لأنّه يزاد ويتفضّل عليه ولا يجازى).