للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال عمر: يا عدوّة الله! أو يقول رسول الله إلاّ حقّا، والّذي بعثه بالحقّ لولا مجلسه ما رفعت يدي حتّى تموتي. فقام صلّى الله عليه وسلّم فصعد إلى غرفة، فمكث فيها شهرا لا يقرب شيئا من نسائه، يتغدّى ويتعشّى فيها، فأنزل الله تعالى: {(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها)} الآية، فنزل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فعرض ذلك عليهنّ كلّهنّ، فلم يخترن إلاّ الله ورسوله، وكان آخر من عرض عليها حفصة، فقالت: يا رسول الله؛ إنّي في مكان العائذة بك من النّار، والله لا أعود لشيء تكرهه أبدا، بل أختار الله ورسوله، فرضي عنها.

وقيل: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا نزلت عليه آية التّخيير بدأ بعائشة أحبّهنّ إليه، فخيّرها فاختارت الله ورسوله والدّار الآخرة، فرؤي الفرح في وجهه عليه السّلام، وتابعها جميع نسائه على ذلك، فشكرهنّ الله وقصر نبيّه صلّى الله عليه وسلّم عليهنّ، فقال (لا يحلّ لك النّساء من بعد) (١).

قيل: لمّا نزلت هذه الآية، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [يا عائشة؛ إنّي ذاكر لك أمرا فلا تعجلي حتّى تستأمري فيه أبوك] ثمّ قرأ هذه الآية، فقال:: {(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها)} إلى قوله: {(وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدّارَ الْآخِرَةَ)فقالت عائشة رضي الله عنها: قد علم الله أنّه أبويّ لم يكونا يأمرانني بفراقك، وهل أستأمر في هذا؟! إنّي أريد الله ورسوله والدّار الآخرة.

ثمّ قالت: يا رسول الله؛ لا تخبر أزواجك أنّي اخترتك. ثمّ فعل أزواج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما فعلت (٢).


(١) في الدر المنثور: ج ٦ ص ٥٩٨٧؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة والحسن رضي الله عنهما) وذكره بمعناه. وأخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢١٧٠٤).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢١٧٠٦ و ٢١٧٠٧) بأسانيد عديدة. وابن أبي حاتم في التفسير: الحديث (١٧٦٥٢ - ١٧٦٥٥).والبخاري في الصحيح: كتاب التفسير: الحديث (٤٧٨٥)،وكتاب الطلاق: باب من خيّر أزواجه: الحديث (٥٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>