للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: لمّا نزلت آية التّخيير، دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه وخيّرهنّ، وقال لعائشة:

[أمّا أنت فلا تحدثي من أمرك شيئا حتّى تشاوري أبويك] فقالت: أفيك أشاورهما؟! أنا أختار الله ورسوله والدّار الآخرة، ما لنا والدّنيا؟! فتبعها سائر أزواجه، ولم تختر واحدة منهنّ نفسها إلاّ المرأة الحميريّة (١).

قوله تعالى: {(فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ)} أي أعطيكن مهركنّ {(وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً)} أي أطلّقكنّ على وجه السّنة. وقيل: معناه: أخرجكنّ من البيوت، لأنه ذكر المتعة قبل التّسريح.

قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ؛} أي ثواب الله ورضى رسوله {وَالدّارَ الْآخِرَةَ} أي الجنّة، {فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ؛} باختيار ثواب الله ورضى رسوله، {أَجْراً عَظِيماً} (٢٩)،في الآخرة.

قوله تعالى: {يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ؛} قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: (يعني النّشوز وسوء الخلق) (٢) {يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ؛} أي يجعل عذاب جرمها في الآخرة كعذاب جرمين. والمعنى: يزيد في عذابها ضعفا، كما زيد في ثوابها ضعفا في قوله {(نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ)}.

وإنّما ضوعف عذابهن على الفاحشة لأنّهن يشاهدن من الزّواجر ما يردع عن مواقعة الذّنوب ما لا يشاهد غيرهن، فإذا لم يمتنعن استحققن تضعيف العذاب.

وقوله تعالى: {وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً} (٣٠)؛أي وكان عذابها على الله هيّنا.

وقوله تعالى {(يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ)}،قرأ ابن كثير وابن عامر «(نضعّف)» بالنون وكسر العين مشدّدة من غير ألف «(العذاب)» بالنصب (٣)،وقرأ أبو


(١) في الدر المنثور: ج ٦ ص ٥٩٧؛ قال السيوطي: (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه) وذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الحديث (١٧٦٥٧).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٣٩.
(٣) في المخطوط: (العذاب بالنصف) وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. ينظر: الحجة للقراءات السبعة: ج ٣ ص ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>