للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنّما مدح السابقين لأن السابق إمام للتالي، وقوله تعالى: {(وَالْأَنْصارِ)} عطف على المهاجرين، وقرأ بعضهم «(والأنصار)» بالرفع عطفا على السّابقين، وعن عمر رضي الله عنه:

«(والأنصار الّذين اتّبعوهم)» بغير الواو (١)،وسمع رجلا قرأ «(والّذين)» بالواو فقال:

(من أقرأك هذه الآية؟ قال: أبيّ بن كعب، قال: لا تفارقني حتّى أذهب بك إليه، فلمّا أتاه قال له: يا أبيّ أقرأته هذه الآية؟ قال: نعم، قال عمر رضي الله عنه: كنت أظنّ أنّا ارتفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدها، فقال أبيّ: تصديق هذه الآية أوّل سورة الجمعة {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} (٢) وأوسط سورة الحشر {وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ} (٣)) (٤).

وقوله تعالى: {(بِإِحْسانٍ)} والإحسان هو فعل الحسن. قوله تعالى: {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ؛} أي رضي الله عنهم بإحسانهم، ورضوا عنه بالثّواب والكرامة. قوله تعالى: {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (١٠٠)؛في هذا الموضع بغير (من) إلا ابن كثير فانه يقرأ «(من تحتها)».

قوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ؛} أي ومن حول مدينتكم من الأعراب منافقون، قيل: إنّهم مزينة وجهينة. وقوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛} أي ومن أهل مدينتكم منافقون. قوله تعالى: {مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ} أي أقاموا وثبتوا على النفاق، {لا تَعْلَمُهُمْ؛} يا محمّد بأعيانهم، {نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ؛} ونعلم نفاقهم، {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ؛} أراد العذاب الأول الفضيحة والإخراج من المسجد، والعذاب الثاني عذاب القبر.

روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قام خطيبا يوم الجمعة، فقال: [يا فلان أخرج فإنّك منافق، يا فلان أخرج فإنّك منافق] فأخرجهم بأسمائهم. وكان عمر رضي الله عنه لم يشهد الجمعة


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٣٣٠٤).
(٢) الآية ٣/.
(٣) الآية ١٠/.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٣٣٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>