للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ} معناه: ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق في الجهاد يحسبه غرما، ولا يحتسب فيه الأجر ولا يرجو الثواب به، إنما ينفق خوفا أو رياء، وينتظر بكم الموت والهلاك، ودوائر الزّمان وصروفه، يعني أنّهم ينتظرون أن ينقلب الزمان عليكم بموت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وظهور المشركين. قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ؛} أي عاقبة السّوء والهلاك، وإنما ينتظرون بكم ما نزل بهم، والسّوء بفتح السّين المصدر، وبالضّمّ الاسم، وقوله تعالى: {وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (٩٨)؛ظاهر المراد.

قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؛} معناه:

من الأعراب من يصدّق بالله واليوم الآخر في السرّ والعلانية، قيل: إنّ المراد من هذه الآية أسلم وغفّار.

قوله تعالى: {وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ} أي يتخذ نفقته في الجهاد تقرّبا إلى الله تعالى في طلب المنزلة عنده والثواب، وقوله تعالى: {وَصَلَواتِ الرَّسُولِ} أي يطلب بذلك دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالمغفرة وصلاح الدّنيا والآخرة، كما يطلب المنزلة عند الله تعالى.

قوله تعالى: {أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ؛} هذه كلمة تنبيه؛ أي سيقرّبهم الله بهذا الإنفاق إذا فعلوه. قوله تعالى: {سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ؛} أي في حسنته وثوابه، {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ؛} لذنوب العباد، {رَحِيمٌ} (٩٩)؛لمن تاب وأطاع.

قوله تعالى: {وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ؛} أراد بالسّابقين الذين سبقوا إلى الإيمان، وهم الذين صلّوا إلى القبلتين وشهدوا بدرا، وقال الشعبيّ: (هم الّذين بايعوا بيعة الرّضوان بالحديبية)،وقيل: هم الذين أنفقوا قبل الهجرة، كما قال الله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ} (١).


(١) الحديد ١٠/.

<<  <  ج: ص:  >  >>