للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لحاجة له، فلقيهم وهم يخرجون من المسجد، فاختبأ عنهم استحياء؛ لأنّه لم يشهد الجمعة، وظنّ النّاس قد انصرفوا، واختبئوا هم عن عمر رضي الله عنه وظنّوا أن قد علم بأمرهم. فدخل عمر المسجد وإذا هو بالنّاس لم يصلّوا، فقال له رجل: يا عمر قد فضح الله المنافقين.

وقال الحسن: (أراد بالعذاب الأوّل السّبي والقتل، وبالثّاني عذاب القبر) (١)، وقوله تعالى: {ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ} (١٠١)؛أراد به عذاب جهنّم.

قوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً؛} أي في المدينة قوم آخرون أقرّوا بذنوبهم، خلطوا عملا صالحا بعمل سيء؛ أي تخلّفوا عن الغزو ثم تابوا، ويقال: خرجوا إلى الجهاد مرّة وتخلّفوا مرة، فجمعوا بين العمل الصالح والعمل السيّئ، كما يقال: خلط الدنانير والدراهم؛ أي جمعها، وخلط الماء واللّبن؛ أي أحدهما بالآخر.

وقوله تعالى: {عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ؛} أي يتجاوز عنهم، {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ؛} لما سلف من ذنوبهم {رَحِيمٌ} (١٠٢)؛بهم إذ قبل توبتهم. وإنما ذكر لفظ (عسى)؛ليكون الإنسان بين الطمع والإشفاق، فيكون أبعد من الاتّكال والإهمال.

قال ابن عبّاس: (نزلت هذه الآية في لبابة بن المنذر وأوس بن ثعلبة ووديعة ابن حذام وغيرهم، وكانوا عشرة أنفس، تخلّفوا عن غزوة تبوك، فلمّا بلغهم ما أنزل الله عن المتخلّفين ندموا على صنيعهم، فربط سبعة منهم أنفسهم على سواري المسجد، وأقسموا أن لا يحلّوا أنفسهم حتّى يكون الرّسول صلّى الله عليه وسلّم الّذي يحلّهم، وكانوا لا يخرجون إلاّ لحاجة لا بدّ لهم منها.


(١) أخرجه الطبري في المعجم الأوسط: ج ١ ص ٤٤٢:الحديث (٧٩٦).والطبري في جامع البيان: الحديث (١٣٣٠٩).وفي مجمع الزوائد: ج ٧ ص ٣٣؛قال الهيثمي: ((رواه الطبراني في الأوسط وفيه العنقري وهو ضعيف)).وليس عندها عبارة: (وقال الحسن).

<<  <  ج: ص:  >  >>