قوله:{يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ؛} أي يعتذر المنافقون إليكم إذا انصرفتم إليهم من هذه الحرب في قعودهم على الجهاد، {قُلْ لا تَعْتَذِرُوا؛} فإنه (١) بصير بكم وهو الله تعالى، {لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ؛} لن نصدّقكم، {قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ؛} قد أخبرنا الله من أسراركم أنه ليس لكم عذر، {وَسَيَرَى اللهُ؛} أي يظهر، {عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ؛} في الآخرة، {إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ؛} ما غاب عن العباد، وما عمله العباد فيجزيكم، {بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(٩٤)؛من الخير والشرّ.
قوله تعالى:{سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ؛} أي سيحلف المنافقون بالله في ما يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم لتعرضوا عنهم، {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ؛} فلا تعاقبوهم على جهة الهوان لهم، {إِنَّهُمْ رِجْسٌ؛} أي هم النّتن الذي يجب الاجتناب عنه فاجتنبوهم، {وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ؛} ومصيرهم جهنّم، {جَزاءً؛} لهم على فعلهم {بِما كانُوا يَكْسِبُونَ}(٩٥).
قوله تعالى:{يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ؛} أي يحلفون لكم في الاعتذار لترضوا عنهم أنتم من دون أن يطلبوا رضى الله، {فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ} فإن أنت رضيت يا محمّد والمؤمنون بحلفهم الكاذب، {فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ}(٩٦)؛أي عن الخارجين عن طاعة الله.
قوله تعالى:{الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً؛} أراد بالأعراب أسدا وغطفان، بيّن الله أنّهم في كفرهم ونفاقهم أشدّ من منافقي أهل المدينة. وقيل: معناه:
أهل البدو أشدّ كفرا ونفاقا من أهل الحضر. قوله تعالى:{وَأَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(٩٧)؛أي أحرى وأولى ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله؛ لأنّهم أبعد من سماع التّنزيل وإنذار الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولهذا قيل: إن من بعد من الأمصار ونأى من حضرة العلماء كان أجهل بالأحكام والسّنن ممن جالسهم ويسمع منهم، ولهذا لا إمامة لأعرابيّ في الصلاة.
(١) في المخطوط رسمها الناسخ بشكل قريب من (أي) و (أن) والمناسب ما أثبتناه والله أعلم.