قال الله تعالى:{فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ؛} أي القرآن بيانا ودلالة من ربكم، {وَهُدىً؛} من الضّلالة؛ {وَرَحْمَةٌ؛} لمن آمن به واتّبعه، رحم الله بإنزاله عباده.
قوله تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ؛} أي لا أجد أعتى ولا أجرأ على الله ممّن كذب بآيات الله، {وَصَدَفَ عَنْها؛} أي أعرض عنها، {سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ}(١٥٧)؛أي سنعاقب الذين يعرضون عن آياتنا بأقبح العذاب وأشدّه بإعراضهم وتكذيبهم.
قوله عزّ وجلّ:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ؛} أي ما ينظر أهل مكة بعد نزول الآيات وقيام الحجج عليهم إلا إتيان ملك الموت وأعوانه لقبض أرواحهم؛ أي لم يبق إلاّ هذا. قوله:{أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ؛} معناه: أو يأتي أمر ربك بإهلاكهم والانتقام منهم؛ إمّا بعقاب عاجل أو بالقيامة. وقوله:{أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ؛} يعني طلوع الشّمس من مغربها.
قال الحسن:(أو يأتي بعض آيات ربك الحاجّة من التّوبة)،قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:[بادروا بالأعمال ستّا: طلوع الشّمس من مغربها؛ ودابّة الأرض؛ وخروج الدّجّال؛ والدّخان؛ وخويصة أحدكم-يعني موته-،وأمر العامّة-يعني القيامة]. (١)
وقال صلّى الله عليه وسلّم: [باب التّوبة مفتوح من قبل المغرب مسيرة أربعين سنة، وملك قائم على ذلك الباب يدعو النّاس إلى التّوبة، فإذا أراد الله أن تطلع الشّمس من مغربها؛ طلعت من ذلك الباب سوداء لا نور لها؛ فتوسّطت السّماء ثمّ رجعت، فيغلق الباب وتردّ التّوبة، ثمّ ترجع إلى شرقها لتطلع بعد ذلك مائة وعشرين سنة، إلاّ
(١) في الدر المنثور: ج ٣ ص ٣٩٤؛ قال السيوطي: ((أخرجه أحمد وعبد بن حميد ومسلم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة)).وأخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب الفتن: الحديث (٨٦٢١)؛وقال: ((قد احتج مسلم بعبد الله بن رباح، هذا حديث صحيح ولم يخرجاه)) ولقد وهم فيه الحاكم؛ أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الفتن: باب في بقية من أحاديث الدجال: الحديث (١٢٨ و ٢٩٤١/ ١٢٩).