للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنّها سوداء تمرّ مرّا]. (١)

وعن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [إذا غربت الشّمس؛ رفع بها إلى السّماء السّابعة في سرعة طيران الملائكة، وتحبس تحت العرش، فيستأذن من أين تطلع؛ أمن مطلعها أم من مغربها، وكذا القمر، فلا يزالا كذلك حتّى يأتي الله بالوقت الّذي وقّته لتوبة عباده.

وتكثر المعاصي في الأرض، ويذهب المعروف فلا يأمر به أحد، ويكثر المنكر فلا ينهى عنه أحد، فإذا فعلوا ذلك حبست الشّمس تحت العرش، فإذا مضى مقدار ليلة سجدت، واستأذنت ربّها من أين تطلع، فلم يجئ لها جواب حتّى يوافقها القمر، فيسجد معها؛ فلا يعرف مقدار تلك اللّيلة إلاّ المتهجّدون في الأرض؛ وهم يومئذ عصابة قليلة في هوان من النّاس.

فينام أحدهم تلك اللّيلة مثل ما ينام قبلها من اللّيالي، ثمّ يقوم فيتهجّد ورده؛ فلا يصبح؛ فينكر ذلك، فيخرج وينظر إلى السّماء؛ فإذا هي باللّيل مكانها والنّجوم مستديرة، فينكر ذلك ويظنّ فيه الظّنون، فيقول: خفّت قراءتي؛ أو قصرت صلاتي؛ أم قمت قبل حين؟!

ثمّ يقوم فيعود إلى مصلاّه، فيصلّي نحو صلاته في اللّيلة الثّانية، ثمّ ينظر؛ فلا يرى الصّبح، فيخرج فإذا هو باللّيل كما هو، فيخالطه الخوف، ثمّ يعود وجلا خائفا إلى مصلاّه، فيصلّي مثل ورده كلّ ليلة، ثمّ ينظر فلا يرى الصّبح؛ فيشتدّ به الخوف.

فيجتمع المتهجّدون في كلّ ليلة من تلك اللّيالي في مساجدهم، ويجأرون إلى الله تعالى بالبكاء والتّضرّع. فيرسل الله تعالى جبريل عليه السّلام إلى الشّمس والقمر فيقول لهما: إنّ الله يأمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منه، فإنّه لا ضوء لكما عندنا ولا نور، فيبكيان عند ذلك وجلا من الله بكاء يسمعه أهل السّماوات السّبع وأهل سرادقات العرش، ثمّ يبكي من فيهما من الخلائق من خوف الموت والقيامة.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١١٠٨٥) بلفظ قريب وأسانيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>