بل آتينا موسى الكتاب. وقيل: معنى (ثمّ) معنى العطف كأنه قال تعالى: أتل ما حرّم ربّكم عليكم ثم أتل ما آتاه الله موسى من التّوراة. قوله: {(تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ)} أي تماما للأحسن على المحسنين النّبيّ موسى عليه السّلام أحدهم.
ويقال: معناه: تماما على ما أحسن موسى عليه السّلام. وكان موسى عليه السّلام محسنا في معرفة العلم وكتب المتقدّمين، فأعطيناه التوراة زيادة على ذلك. و (تماما) نصب على القطع. وقيل: على التّفسير. وقرأ ابن عمر: «(على الّذي أحسن)» بالرفع على معنى:
على الذي هو أحسن.
قوله تعالى:{وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ}(١٥٤)؛أي تتميما بالإحسان إليهم؛ وتبيينا لكلّ شيء من الحلال والحرام؛ والهدى من الضّلالة؛ والنجاة من العذاب لمن آمن به وعمل بما فيه؛ لعلّهم بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال يقرّون ويصدّقون.
قوله تعالى:{وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ؛} أي وهذا القرآن كتاب أنزلناه فيه بركة وخير كثير لمن آمن به. ومعنى البركة: ثبوت الخير وديمومته، {فَاتَّبِعُوهُ؛} أي اقتدوا به في أوامره ونواهيه، {وَاتَّقُوا،} مخالفته وسخطه، {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(١٥٥)؛لتكونوا على رجاء الرّحمة.
قوله تعالى:{أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا؛} أي كراهة أن يقولوا: إنّما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا؛ أراد به التوراة لليهود؛ والإنجيل للنصارى، {وَإِنْ كُنّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ}(١٥٦)؛أي وقد كنّا عن قراءة كتبهم التوراة والإنجيل لغافلين عمّا فيه. وقيل: معناه: وما كنّا عن قراءة كتبهم التوراة والإنجيل إلاّ غافلين عمّا فيهما.
قوله تعالى:{أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنّا أَهْدى مِنْهُمْ؛} أي وكراهة أن يقولوا: لو أنّا أنزل علينا الكتاب كما أنزل على اليهود والنصارى، لكنّا أسرع إجابة منهم. وذلك: أنّ أهل مكّة كانوا يقولون: قاتل الله اليهود؛ كيف كذبوا على أنبيائهم، والله لو جاءنا نذير وكتاب لكنّا أهدى منهم.