من رده، وكذلك السارق، وقاطع الطريق، والناصب، والمنتهب، والمختلس في خفارة منع أصحاب الأموال حقوق الله فيها، ولو أدوا ما لله عليهم فيها لحفظها الله عليهم.
وكذلك تسليط العالم بعضهم على بعض، وتمكين الجناة والبغاة، حتى أن الحيوانات العادية على الناس في أموالهم وأرزاقهم وأبدانهم تعيش في خفارة ما كسبت أيديهم، ولولا ذلك لم يسلط عليهم منها شيء كما قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} [الشورى: ٣٠].
والله بصير بالعباد، يصرف الهدى والإيمان عن قلوب الذين يصرفون الناس عنه، فصدهم عنه كما صدوا عباده عنه.
ويحبس الغيث عن عباده ويبتليهم بالقحط إذا منعوا الزكاة وحرموا المساكين، فلما منعوا المساكين حقهم منع الله عنهم مادة القوت والرزق وهو الغيث.
ويمحق الله أموال المرابين ويتلفها كما فعلوا بأموال الناس وأكلوها بالباطل، ومحقوها عليهم، وأتلفوها بالربا، فعوقبوا إتلافاً بإتلاف كما جوزي المتصدقون بأضعاف كما قال سبحانه: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦)} [البقرة: ٢٧٦].
ويسلط الله سبحانه العدو على العباد إذا جار قويهم على ضعيفهم، ولم يؤخذ للمظلوم حقه من ظالمه، فيسلط الله عليهم من يفعل بهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم سواء بسواء، ولا يظلم ربك أحداً.
هذه سنة الله تعالى منذ قامت الدنيا إلى أن يطوي الله الأرض ويعيدها كما بدأها كما قال سبحانه: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٢٣)} [النساء: ١٢٣].