للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)} [التوبة: ٧٢].

والله تبارك وتعالى ابتلى الأنبياء بما شاء من أذى الكفار لهم ليستوجبوا كمال كرامته ويتوجهوا إلى ربهم في كشف ما بهم من ضر إذا نزل .. وليتسلى بهم من بعدهم من أممهم وحلفائهم إذا أوذوا من الناس .. فرأوا ما جرى على الرسل والأنبياء .. صبروا ورضوا وتأسوا بهم .. ولتمتلئ صاع الكفار فيستوجبون ما أعد الله لهم من النكال العاجل، والعقوبة الآجلة .. فيمحقهم الله بسبب بغيهم وعداوتهم .. ويعجل تطهير الأرض منهم.

فهذه من بعض حكمة الله في ابتلاء أنبيائه ورسله بإيذاء قومهم لهم: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)} [الأنعام: ١٧].

وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه.

كما ابتلى الله جميع الأنبياء، بمعارضة قومهم لهم.

وكما ابتلى إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بقومه الذين كذبوه وألقوه في النار وكما ابتلاه بذبح ولده إسماعيل.

وكما ابتلى موسى - صلى الله عليه وسلم - بفرعون وقومه الذين كذبوه، والسحرة الذين بارزوه، وبني إسرائيل الذين اختلفوا عليه.

وكما ابتلى أيوب - صلى الله عليه وسلم - بالمرض وذهاب الأهل.

وكما ابتلى عيسى - صلى الله عليه وسلم - باليهود الذين كذبوه، وأرادوا قتله وصلبه.

وكما ابتلى محمداً - صلى الله عليه وسلم - بأذى الكفار له، وتكذيبهم له، ومطاردته وإرادة قتله، وإخراجه من مكة، وجمع الناس والأموال لقتاله والقضاء على دينه وأتباعه.

وكما ابتلاه باليهود الذين قاتلوه، وكادوا له، ونقضوا عهودهم معه وجمعوا الأحزاب لحربه، وسحروه، ووضعوا السم في اللحم له.

<<  <  ج: ص:  >  >>