للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الابتلاء والامتحان يستلزم أسباباً يحصل بها، فلا بد من خلق أسبابه.

ولهذا لما كان من أسبابه خلق الشهوات وما يدعو إليها وتزيينها فعل ذلك كما قال سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (٨)} [الكهف: ٧،٨].

والله عليم حكيم خلق الإنسان وجعله قابلاً للإيمان والكفر .. للحق والباطل .. للخير والشر، للطاعات والمعاصي.

وبحسب البيئة التي يعيش فيها، وبحسب المذكر له .. وبحسب العلم والأوامر التي تصل إليه يميل إلى هذا أو ذاك.

والقلوب والجوارح لها مصرفان:

مصرف محمود .. ومصرف مذموم.

فالمحبة مثلاً من أعمال القلوب ولها مصرفان:

الأول: مصرف محمود: وهو محبة الله ورسوله، ومحبة أوامر الله، ومحبة ما يحبه الله.

الثاني: مصرف مذموم: وهو محبة ما يبغضه الله من الأعمال والأقوال، والأشخاص والأماكن، والأخلاق والأحوال.

وكذلك الجوارح لها مصرف محمود .. ومصرف مذموم.

فالمحمود استعمالها في طاعة الله .. والمذموم استعمالها في معصية الله.

فقلوب الناس وجوارحهم تعمل إما في المصرف المحمود الذي يرضي الله عزَّ وجلَّ .. وإما في المصرف المذموم الذي يغضب الله عزَّ وجلَّ فالمحمود لله وصاحبه رابح .. والمذموم للشيطان وصاحبه خاسر: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١١٩)} [النساء: ١١٩].

والدين كله يتمثل في الإيمان بالله والكفر بالطاغوت .. وتقديم الأوامر على الشهوات .. وتقديم الحقوق على كل محبوب .. وتقديم مراد الله على مراد النفس .. وربط العواطف بأوامر الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>