للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩)} [الحجر: ٣٩].

فرد إبليس أمر الله بقدره، واحتج على ربه بالقدر.

وانقسم أتباعه أربع فرق كما سبق، فإبليس وجنوده أرسلوا بالقدر إرسالاً كونياً، فالقدر دينهم كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣)} [مريم: ٨٣].

فدينهم القدر، وبعث الله الرسل بالأمر الشرعي، وأمرهم أن يحاربوا به أهل القدر.

فأصحاب الأمر حرب لأصحاب القدر حتى يردوهم إلى الأمر الشرعي، وأصحاب القدر يحاربون أصحاب الأمر الشرعي حتى يخرجوهم منه كما قال سبحانه: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧)} [الزخرف: ٣٧].

فالرسل وأتباعهم دينهم الأمر مع إيمانهم بالقدر، وتحكيم الأمر عليه، وإبليس وأتباعه دينهم القدر، ودفع الأمر به.

وحركات العالم العلوي والعالم السفلي وما فيهما موافقة للأمر:

إما الأمر الديني الذي يحبه الله ويرضاه .. وإما الأمر الكوني الذي قدره وقضاه، وهو سبحانه قدره لحكمة وغاية حميدة.

فهو سبحانه يحب المغفرة وإن كره معاصي العباد، ويحب التوابين وإن كره معاصيهم التي يتوبون منها، ويحب المقاتلين في سبيله وإن كره أفعال من يجاهدونه كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤)} [الصف: ٤].

فهو سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو يحب أسماءه وصفاته، ويحب ظهور آثارها في خلقه، فهو رحيم يحب الرحمة، ويحب الرحماء، وهو عفو عن المذنبين، ويحب العفو، ويحب العافين عن الناس .. وهكذا.

وإذا ابتلى الله عبده ببلاء، فإن رده ذلك الابتلاء إلى ربه وجمعه عليه وطرحه

<<  <  ج: ص:  >  >>