اللب: العقل والإدراك، والنور: لغة في النوار، وعقب الرجل: ولده ومن يتناسل منهم، وبت: بمعنى أمسيت، والمنجب: الذي ينجب النجباء.
فيقول، وهو يخاطب فناخسرو: يا عضد الدولة الذي أبوه ركنها وعمدتها، وسيفها وعدتها، والقلب أبو العقل ودافعه، ومقر الإدراك وحافظه.
ثم قال مشيرا إلى ما قدمه من نداء عضد الدولة: ومن بنوه بنجابتهم وفضلهم، وسيادتهم ومجدهم، زين آبائه الأولين، وسلفه الكرام المتقدمين، كأنهم النور على قضب الشجر، وما يبديه للروض مونق الزهر.
ثم قال: فخرا لدهر أمسيت ملكا في أهله، ولمنجب أصبحت أميرا مقدما من عقبه، انسلك وأنت عماد الكرم، وأنجبك وأنت المنفرد بالفواضل والنعم.
إنَّ الأَسَى القِرنُ فلا تُحيِهِ ... وَسَيفُكَ الصَّبرُ فلا تُنْبِهِ
الأسى: الحزن، والقرن: المثل في الشجاعة، والنابي: الذي لا يقطع، والدجى: جمع دجية، وهي القطعة من الليل، والشهب: النجوم، واحدها شهاب.
فيقول مخاطبا لعضد الدولة: أن الحزن قرنك في هذه الرزية، فلا تغلبه على نفسك بقلة التجلد له، وسيفك الصبر الجميل فلا تفله وتنبه، بترك الاستمساك به، وأحتسب مصابك يعوضك الله بجزيل الأجر، وسلم لله فيه يثبك بكريم الذخر.
ثم قال: ما كان عدني أن بدر الدجى وهو يخلف الشمس بنوره وبهجته، ويتلوها بضيائه ورفعته، يوحشه ما يفقده من شبهه، وما يعدمه من النجوم المتصلة بقربه. يشير بذلك إلى أن منزلة المفقودة من عضد الدولة منزلة النجم من البدر، ومحلها بالإضافة إليه محل الوشل من البحر.