للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَاشَاكَ أَنْ تَضعُفَ عَنْ حَمْلِ مَا ... تضحَمَّلَ السَّائِرُ في كُتْبِهِ

وَقَد حَمَلْتَ الثِّقلَ مِن قَبلِهِ ... فَأغْنَتِ الشِّدَّةُ عَنْ سَحبِهِ

يَدْخُلُ صَبْرُ المَرءِ في مَدْحِهِ ... وَيَدخُلُ الإشفاقُ في ثَلبِهِ

حاشاك: بمعنى أستثنيك وأعيذك، السحب: الجر، وثلب الناس: ذكر عيوبهم.

فيقول مخاطبا لعضد الدولة: أعيذك، وحاشاك، من أن تضعف عن الاستقلال بالرزء الذي استقل بتحميله الرسول الوارد عليك في كتبه، والقادم الناهض به نحوك على ثقله، وأن تجزع والصبر شيمتك، وأن تضعف والقوة نيتك.

ثم قال يخاطب عضد الدولة: وقد حملت الأثقال قبل هذا الرزء، فاستقللت بحملها، وأغنتك شدتك ومقدرتك عن تهيبها وسحبها، فضع هذا الحادث موضع ما كفيته من الخطوب بشكور الفعل، وما حزت بالصبر على ذلك من الشرف والفضل.

ثم قال مؤكدا لما قدمه: يدخل صبر المرء في مناقبه ومدحه، ويدخل إشفاقه في معائبه وثلبه، فلا تختر أيها المعزى إلا أعلى المنزلتين، ولا تعدل بنفسك إلا (إلى) أرفع الصفتين.

مِثلُكَ يَثنِي الحُزْنَ عَنْ صَوبِهِ ... وَيَستَرِدُّ الدَّمعَ عَنْ غَربِهِ

أَيَما لإبقاءٍ عَلَى قَلبِهِ ... أيَما لِتَسلِيمٍ على رَبِّهِ

وَلَم أَقُلْ مثلُكَ أعنِي بِهِ ... سِوَاكَ يا فَردَاً بِلا مُشبِهِ

يثني: يصرف، والصوب: الاندفاع والترادف، والغرب: واحد الغروب، وهي مجاري الدمع من العين، وأيما بفتح الهمزة وكسرها: بمعنى أما، وقال عمر بن أبي ربيعة:

رَأتْ رَجُلاً أيمَا إذا الشَّمسُ عَارَضَتْ ... فَيَضْحَى، وإيمَا بالعَشِيِّ فَيَحصَرُ

بإثبات الياء وفتح الهمزة وكسرها.

فيقول، وهو يخاطب عضد الدولة: مثلك في نفاذ عزمك، وسعة إحاطتك وعلمك،

<<  <  ج: ص:  >  >>