للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المختصّ به إلاّ بحصول المناط الشرعيّ، وهو الرضى، وطيبة النفس، فإن كان هذا المناط حاصلا إما بوقوع المصادقة من أهل الشركة العرفية على أنّهم تراضَوْا على الاشتراك في جمع ما يحصُلُ من سعيهم، وغِلاَّتِ أموالهم بأن يكونَ بينَهم على السويةِ، أو يكونَ بينهم على صفةٍ من صفات القِسمة يتضمَّنُ تفضيلَ البعض على البعض، أو يكون هذا المناطُ حاصلاً بقيام مُستَنَدًا للأحكام الشرعية فلا شكَّ ولا شبهةَ أن ما حصل لهم بعد التراضي يكونُ مشتركًا بينَهم على حسب ما تراضوا عليه، ولا يزال كذلك حتى يرجعوا أو بعضُهم عن ذلك التراضي، فإذا وقع الرجوعُ ارتفعَ المناط، وعادت أموالُهم أو أموالُ مَنْ رجع إلى تلك العصمة، فيكون له منوقت الرجوع ما حصل من غِلاَّتِ أمواله، وما استفاد من سعيه، وهذا أعني: كون التراضي مناطًا محلّلاً لما حصل لهم مشروطًا بأن لا يكونَ فيه حيلةٌ على صبيٍّ، أو امرأةٍ، أو مَنْ لا درايةَ له من الرجالِ.

أما إذا كان كذلك بطلَ منه ما تضمنتْه الحيلةُ، وصح ما عداه، وفي حكم هذه المصادقةِ على التراضي أن يكونَ بين أهل ذلك المحلِّ عُرْفٌ يعلمُهُ كلُّ واحد من أولئك المشتركين على وجهٍ لا يخفى ولا يلتبسُ بأن من اجمتعوا هذا الاجتماع، واشتركوا هذه الشركة كان ما حصل من أموالهم، أو كَسْبِهم مقسومًا بينهم على السوية، أو على حسبِ الأموال والسعي، فإذا كانا لعرفُ كائنًا على الصفة المذكورة كان دخولُهم في الشركة المذكوة بمنزلة التراضي بما يقتضيه العرفُ، ويكونُ هذا بمنزلةِ الألفاظ المشعِرَةِ بالتراضي في دلالتها [٧ب] على ما في النفس، لأن الرضيى هو أمرٌ قلبيٌّ، وليستِ الألفاظُ المشعِرَةُ به إلاَّ دوالاًّ عليه، ولا تختصُّ الدلالةُ على هذا الأمرِ القلبيّ بالأمور اللفظية، بل كل مالَه دلالةٌ على ذلك الأمر القلبيِّ فله حكمُ اللفظ، كالإشارة المفهِمة، وما يقوم مقامَها، فهكذا الأعرافُ الجاريةُ المعلومةُ التي لا تختلف، ويشترك في العلم بها كلّ فردٍ من أفراد المشتركين، فإنها لا تُفَسَّرُ في كونها دالةً على الأمر القلبيِّ عن الألفاظ والإشاراتِ والكتاباتِ، أما إذا لم يكن ثَمَّ تراضٍ ولا عُرْفٌ، أو وُجِدَتْ أعرافٌ