مختلفةٌ غيرُ مؤتلفةٍ فاجتماعُ جماعةٍ على الشركة العرفية لا يخرجُ ما حصلَ لكل واحد منهم عن العصمة، بل الواجب عند الخصومة إرجاعُ ما هو من غلات كلّ واحد منهم إليه بعينه إن كان باقيًا، أو مثلُه إن كان مثلَها، أو قيمتُه إن كان قيِّمًا، وهكذا يجب إرجاعُ ما حصَّلَه كلُّ واحد منهم من كسبِه بعد أن يُحْسَب عليه منه ما قدِ استهلكَهُ لنفسه ولمن يجبُ عليه إنفاقُه.
فإن قتلتَ: إذا كانوا قدِ استمرُّوا على الشركةِ أزمنةً متطاولةً، وخلطوا ما حصلَ لكلِّ واحد منهم من الجهتين، واستنفقوا منه ما استنفقوا، وبقيت منه بقايا بأعيانها، أو كانوا قد اكتسبوا بما يفضُلُ عن كفايتهم مكتسباتس من منقولٍ أو غير منقول؟.
قلتُ: يُقْسَمُ ذلك بينهم على قَدَرِ ما يحصلُ لكل واحد منهم من أملاكه وسعيه، فيكون لصاحبه النصيب الفاضل بقدر نصيبه، ولصاحب النصيب المفضول بقدر نصيبه، هذا إذا كان الدخول من مجموع غِلاَّت الأملاك والسعي، وإن كان من أحدهما فقط فبحسبه، وكثيرًا ما تعرضُ الخصومةُ بين جماعة مشتركينَ شركةً عرفيةً قد كسبوا بما فضُلَ عن نفقتِهم أموالاً، ولا سعي يختصُّ به أحدُهم، بل جميعُ سعينهم فيما يتعلَّق بحرث تلك الأملاك وإصلاحها، وحفظ غِلاَّتها عن الضياع، كما فعلُه الزُّراعُ، ومثل هذا ينبغي أن يَنْظُرَ الحاكمُ ما يقابل عمل العاملين، فيعطي كلَّ واحد منهم من تلك المكتسبات فاضُل الغلات بقدر عمله، ثم ينظرُ بعد أخراج أُجْرَةِ العاملينَ إلى ما بقي فيقسِمُهُ لأهل الأملاكِ التي حصلتْ منها الغلّةُ لكل واحد منهم بقدرِ مالِه، ويجهدُ نفسَه في الاستقصاء والتقريب والتحرِّي، فهذا هو العدلُ الذي يقتضيه الشرعُ، ولا عدلَ غيرُه، ولا شرعَ سواه [٨أ]، لأنه إذا تعذّر إعطاءُ كلِّ ذي حقٍّ حقّه عَيْنًا أو مِثْلاً أو قيمَةً وجبَ الرجوعُ مع الاختلاطِ إلى القسمةِ التي شرعَها الله ـ عز وجل ـ بعد إسقاط ما استغرَقهُ كلُّ واحد منهم لنفقةٍ أو كسوةٍ أو غرامةٍ في نكاحٍ أو غيرِه من نصيبِه، وكذلك ما استغرقه مَنْ يجب عليه نفقتُه كما قدمنا.
فإن قلت: قد يصعُبُ إعطاءُ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه بالقسمة على فرض اختلاف