للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنصاف، وعدم صلاحية ما جعلوه دليلاً على ما قالوه للاستدلال، فما الذي ينبغي اعتمادُه على ما تقتضيه الأدلةُ الشرعيةُ، وتوجبه الملَّةُ الإسلامية، وتوافقه المسالكُ الاجتهادية؟

قلتُ: قد تقرَّر بالأدلة الشرعية، والضرورة الدينية أن أموالَ العباد معصومةً، لا يحلُّ منها شيءٌ إلاّ بالمناط الشرعيّ، أما كونُها معصومةً لقوله تعال: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (١)، ولما ورد من الأدلة كتابًا وسنةً في لزوم العدل، وتقبيح الظلم، والنهي عنه، ووصف الآكلين لأموال اليتامى بأنهم {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (٢)، وما صحّ عنه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في خُطْبَة الوداع قائلاً: "إنما دماءكم وأموالكم عليكم حرامُ" (٣)، وقوله: "لا يحلّث مالُ امرئ مسلم إلاّض بطيبةٍ من نفسه" (٤).

وأما المناط الشرعيّ الذي تحلّ به هذه العصمةُ فما ذكره الله ـ عز وجل ـ من التراضي في قوله: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ}، وما ذكره النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في هذا الحديث من طيبةِ [٧أ] النفسِ، وهذا ليس فيه خلافٌ بين المسلمين أجمعينَ، بل هو إجماعٌ معلومٌ لكلِّ مشتغل بالعلم. ولا ينافي ذلك اشتراط من اشترطَ في بعض التصرفات ألفاظًا مخصوصة، أو صفاتٍ معينةً.

وإذا تقرر هذا علمتَ أن مجرد اجتماع جماعةٍ في بيت يتكافؤن في تحصيل أسباب المعاش، وهذا الاجتماعُ المذكور هو المعروفُ بالشركةِ العرفيةِ لا يوجب خروجَ ما هو في ملك أحدِهم من الغلاَّت الحاصلةِ له من أموالِه، أو ما حصلَ من المكاسبِ بسعيهِ


(١) [البقرة: ١٨٨].
(٢) [النساء: ١٠].
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.