للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبيله فهو مسوغ باعتبار التراضي على التعاون بالأموال ومواساة من نابته نائبة، لكن هذا مع الرضا المحقق في دفع ما يخص الغارم من المغرم اللازم لغيره.

وكذلك عدم الاختصاص بالمغنم لمن هو له على الخصوص فمن دخل في ذلك وأراد الرجوع عن التواطؤ الواقع بينه وبين أهل قريته فهو غير ممنوع من ذلك لكن بشرط أن لا يكون الأمر الذي خرج عنه مما لا يقوم به إلا الجميع، وذلك مثل ما يلزم من الغرامات في حفظ نفوس الساكنين وأموالهم إما بمصالحة العدو أو بدفع جانب من المال لمن هو أقدر على الدفع منهم أو من غيرهم.

وكذلك لوازم الضيافة المشروعة فإن الضيف في غالب القرى لا يقصد فردا معينا بل ينزل المسجد أو النادي فيقوم بما يحتاج إليه من كان الدول عنده لأنهم يوزعون ذلك بينهم مثلا يقسمون القرية أرباعا أو أثمانا فيكون القائم بالضيف الوارد أهل الربع أو الثمن الأول ثم الثاني ثم كذلك، وأهل الربع أو الثمن يتناوبون ذلك فيما بينهم على قانون صحيح لأنهم ينظرون في عدد الأشخاص وفي مقدار ما يملكه كل واحد فينزلون ذلك عليه، ولو لم يفعلوا كذلك لبطل القيام بالضيافة المشروعة لأن كل فرد يحيل على سائر أهل القرية.

ومثل ذلك ما يقع في البلاد التي فيها سلطان كالاستعانة من أموالهم لمايدهم مما لا طاقة لهم به وغير ذلك.

والحاصل أن الانفراد إن استلزم مفسدة أو فوت مصلحة فلا يجاب طالبه إليه وإن كان لا يستلزم وجبت الإجابة. ومن اطلع على أسرار الشريعة المطهرة علم أنها بأسرها مبنية على مراعاة جلب المصالح ودفع المفاسد ومما يستأنس به في اعتبار القواعد الممهدة بين من يجمعهم مكان أو أمكنة - أن الشارع صلوات الله عليه كان يغزو القبيلة [أو بعضها إذا بلغه عدم تمسكم بشريعته المطهرة] (١) فيسفك دماءهم ويسلب أموالهم


(١) زيادة من نسخة أخرى.