وأما إذا كان النصب مشتملا على القيام بأمور مخالفة للشريعة المطهرة فهذا هو الطرف الثاني من طرفي الاستفسار، ونقول: لا مرية في أن ذلك التواطؤ والنصب من أعظم المعاصي الموجبة للهلاك، ويجب على كل مسلم الجهاد لمن كان كذلك، وإذا لم يقدر فالهجرة محتمة لأن هذا إظهار شعار لمعاص محضة وإبراز قانون لمنكرات خالصة وقيام وقعود في محرمات متيقنة، وبين العصيان على هذه الصورة وعصيان كل فرد فرد بدون ذلك كما بين السماء والأرض، وذلك كما يقع من جماعة من طغام البداوة، يحملون؟ جماعة من شياطينهم على تنفيذ الأحكام الطاغوتية ويسلطونهم على أنفسهم، إن حادوا عن شيء منها فهذا من أشد الكفر بالله وبشريعته، والراضي بذلك كافر والقاعد عن الهجرة داخل تحت قوله تعالى:{إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}(١) والتارك لجهاد هؤلاء مع القدرة تارك للجهاد في سبيل لله عز وجل فهذا جواب على الإجمال.
ولنتكلم على الصور التي ذكرها السائل كثر الله فوائده فنقول: قوله ويأخذون منهم أجرا على القيام بتنفيذ تلك الأحوال، الجواب عنه مفتقر إلى النظر في صفة ما قاموا به فإن كان داخلا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حل لهم ما يحل لسلاطين المسلمين من أموالهم وقد كان الخلفاء الراشدون يأخذون من الأموال المجموعة عند الحاجة ما يقوم به بالكفاية والجهة واحدة، فإن قيام المسؤول عنهم هو النفس ما قام به الخلفاء.
وإن كان القيام والنصب لمفسدة خالصة كما أشرنا إليه فأخذ الأجرة ظلمات بعضها فوق بعض، لأن أصل القيام والمباشرة حرام وانضم إليها أكل أموال الناس بالباطل.
قال كثر الله فوائده: إن ما صدر منهم من قتل أو جرح عمدا إلخ أقول هذا وإن لم يكن في باب من أبواب الشريعة على الخصوص فهو غير ممنوع شرعا لأن ما كان هذا