للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• ويا ويلةَ من كانت وجوههم مسودة لسوء الحساب، والزبانية تقمعهم فيذوقون أليم العقاب، فياله من يومٍ شديد َيَشْتَدُّ فِيهِ الْحِسَابُ، وَيُشْفَقُ فِيهِ العذاب، يومٌ تخضعُ فيه الرِّقَابُ ويَذَلُ فيه كُلُّ فَاجِرٍ كَذَّابِ ويَرَجَعُ الأَشْقِيَاءُ بِالْخُسْرَانِ وَالتَّبَابِ،

• فيا ساكنا عن الصواب، كيف بك إذا وقفت للحساب بين يدي سريع الحساب، هل أعددت للسؤال جواباً، وولجواب صوابا، وأنت حينذاك لا تملك توبةً أو مآبا، فأُسْقِط في يديك ولا ينفعك مَنْ حَوِاليك.

[*] قال الحسن البصريّ: "رحِم الله أقوامًا كانت الدّنيا عندهم وديعة، فأدَّوها إلى من ائتمنهم عليها، ثمّ قاموا خفافًا.

[*] وقال مالك بن دينار: "بقدرِ ما تحزن للدّنيا يخرج همّ الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج همّ الدنيا من قلبك.

• فلا تَغُرَّنكم الحياة الدنيا فإنها بِالبَلاءِ مَحْفُوفَة، وَبِالفَنَاءِ مَعْرُوفَة، وَبِالغَدْرِ مَوْصُوفَة، وَكُلُّ مَا فِيهَا إِلَى زَوَالٍ وَهِيَ بَيْنَ أَهْلِهَا دُوَلٌ وَسِجَال.

* لا تَدُومُ أَحْوَالُهَا، وَلا تَسْلَمُ مِنْ شَرِّهَا نُزَّالُهَا، بَيْنَا أَهْلُهَا فِي صَفِاءٍ وَرَخَاءِ إِذَا هُمْ مِنْهَا في كدرٍ و بَلاءٍ، وبينا هم في َسُرُورٍ وَحَبُور إِذَا هُمْ مِنْهَا فِي نَكَدٍ وَغُرُور، العَيْشُ فِيهَا مَذْمُوم وعِزُها لا يَدُوم وفناؤها محتوم.

* بَقَاؤُهَا قَلِيلٌ، وَعَزِيزُهَا ذَلِيل، وَغَنِّيها فَقِير، شَابُّهَا، وَحَيُّهَا يَمُوت، وودُّها يفوت، فلا يغرنَّك إِقْبَالُهَا فسريعٌ إِدْبَارِهَا.

* كيف أمنت هذه الحالة، وأنت صائر إليها لا محالة، أم كيف ضيعت حياتك

وهى مطيتك إلى مماتك، أم كيف تهنأ بالشهوات، وهى مطية الآفات.

• لِلَّهِ دَرّ أقَوامٍ بادَرُوا الأَوْقاتِ، واسْتَدْركُوا الْهَفَوات، واغتنموا الأوقات للعمل بالباقيات الصالحات، فالعَينُ مَشْغُولةٌ بالدَّمْع عن المحرَّماتِ، واللسانُ مَحبوسٌ في سِجْن الصَّمْت عن الهَلَكَاتْ، والكفُّ قد كُفَّتْ بالخوفِ عن الشهوات، والقَدَم قد قُيِّدت بِقَيدِ المحاسبَات. ولسان حالها يقول: كيف تهنأ بالشهوات، وهى مطية الآفات، فإذا حَلَّ بهم الليلُ رأيتهم يَجْأَرُونَ فيه بالأصْواتْ، وإذا جَاءَ النهارُ قَطَعُوهُ بمُقَاطَعة اللَّذات، فكَمِ مِن شَهْوَةٍ مَا بَلَغُوهَا حَتَّى الممات.

<<  <  ج: ص:  >  >>