للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتيقَّظْ لِلِحَاقِهم مِن هَذِهِ الرَّقَدات، ولا تَطْمَعَنَّ في الخَلاص مَعَ عَدمِ الإخلاص في الطاعات، ولا تُؤَمّلنّ النجاة وأنت مقيمٌ على المعاصي والموبقات، ذهبت اللذات وأعقبت الحسرات وانقضت الشهوات وأورثت الحسرات، ولا تغتر بصفاء الأوقات فإن تحتها غوامض الآفات. قال الله جل وعلا: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} وَذَهَبَتْ البَرَكَاتُ وَقلّتِ الْخَيْرَاتُ،

* لَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ عَامِكُمْ وَفَاتَ، وَتَقَضَّتْ أَيَّامُهُ وَلَيَاليه وَأَنْتُمْ مُنْهَمِكُونَ فِي اللَّذَاتِ، فَمَا أَسْرَعَ مَا تَضَرَّمَتْ مِنْهُ الأَوْقَاتُ، وَمَا أَكْثَرَ مَا خَطَبَكُمْ لِسَانُ حَاله بِزَوِاجِرِ العِظَاتِ، وَمَا أَطْوَلَ مَا نَادَى بِكُمْ مُنَادِي الشِّتَاتِ. ... فَطُوبَى لِمَنْ تَدَارَكَ الهَفَوَاتِ، وَبُشْرَى لِمَنْ لازَمَ تَقْوَى اللهِ، وَعَمِلَ بِالبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَهَنِيئًَا لِمَنْ أَذْهَبَ السَّيِّئَاتِ بِالحَسَنَاتِ، وَيَا خَيْبِةَ مَنْ شَغَلَتْهُ المَلاهِي وَالمُنْكَرَاتِ عَنْ طَاعَةِ رَفِيعِ الدَّرَجَاتِ، وَمَا أَعْظَمَ خَسَارَةَ مَنْ بَاعَ نَفِيسَ آخِرَتِهِ بِخَسِيسِ دُنْيَاهُ، وَحَسْرَةً لَهُ يَوْمَ {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} وَتَعْسًا وَجَدْعًا لَهُ {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}.

• رحم الله رجلاً أيقظ نفسه في مهلة الحياة قبل الممات، واستعد للموت قبل حلول الفوات، وتضرَّع إلى الله قائلاً: اللهم يا عالم الخفيات ويا رفيع الدرجات، وَيَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ وَيَا قَاضِي الحَاجَاتِ وَيَا سَامِعَ الأَصْوَاتِ وَيَا بَاعِثَ الأَمْواتِ و يَا خَالَق الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، اعصمنا عن المعاصي والزلات ووفقنا لاغتنام الأوقات للعمل بالباقيات الصالحات.

• أما علمت أخي أن الدنيا نعيمها ابتلاء، وحياتها عناء، كم نقلتك من صَفِاءٍ وَرَخَاءِ إلى كَدَرٍ وبلاء، ومن وَسُرُورٍ و وَحَبُور إلى هُمٍ و بَلاءٍ، فَاصْبِرْ عَلَى شِدَّةِ الدَّوَاءِ لِمَا تَخَافُ مِنْ طُولِ الْبَلاءِ، وأصلح نفسك قبل أن يسْتَفْحَلَ الدَّاءُ فلا ينفع دَّوَاءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>