رجلان منهم: إن هذا الخائن أتى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مرارًا كل ذلك يرُدّه، ثم قُتِل كما يقتل الكلب) فسكت عنهما، ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله فقال:«أين فلان وفلان؟»، فقالا:«نحن ذانِ يا رسول الله»، قال:«انزلا فكُلَا من جيفة هذا الحمار؛ فما نِلْتُما مِن عِرض أخيكما آنفا أشدُّ مِن أكلٍ منه، والذي نفسي بيده! إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها». وفي رواية:«فالذي نِلْتُما من عِرْض أخيكما آنفًا أكثرُ، والذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ! إنه في نَهَرٍ من أنهارِ الجنةِ يَتَغَمَّسُ فيها»(١).
٨٥١ - أنزلت عليَّ الليلة سورة مريم، فسمها مريم». روي عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني عن أبيه عن جده قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقلت:«وُلِدَتْ لي الليلة جارية»، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أنزلت علي الليلة سورة مريم، فسَمِّهَا مريم».
٨٥٢ - أنزلوا الناس منازلهم»، روي عن الأصبغ بن نباته عن علي بن أبي طالب قال: جاءه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فرفعْتُها إلى الله قبل أن أرفعَها إليك، فإن أنت قضيتها حمدتُ الله وشكرْتُك، وإن أنت لم تقضها حمدتُ الله وعذرْتُك»، فقال علي: «اكتب على الأرض فإني أكره أن أرى ذل السؤال في
(١) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، طَهِّرْنِي»، فَقَالَ: «وَيْحَكَ، ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللهَ وَتُبْ إِلَيْهِ»، قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَيْحَكَ، ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللهَ وَتُبْ إِلَيْهِ»، قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، طَهِّرْنِي»، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟» فَقَالَ: «مِنَ الزِّنَى»، فَسَأَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَبِهِ جُنُونٌ؟» فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ، فَقَالَ: «أَشَرِبَ خَمْرًا؟» فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَزَنَيْتَ؟»، فَقَالَ: «نَعَمْ»، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ، قَائِلٌ يَقُولُ: «لَقَدْ هَلَكَ، لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ»، وَقَائِلٌ يَقُولُ: «مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ»، ثُمَّ قَالَ: «اقْتُلْنِي بِالْحِجَارَةِ»، قَالَ: فَلَبِثُوا بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَهُمْ جُلُوسٌ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ»، قَالَ: فَقَالُوا: «غَفَرَ اللهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ»، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ» (رواه مسلم). اسْتَنْكَهَهُ: أَيْ شَمَّ رَائِحَةَ فَمِهِ.