للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأيضًا: الأمر للوجوب، وكيف يجب عليه ابتداؤه وليس بواجب في الأصل؟

ومن ثَمَّ قال أبو زيد مِن الحنفية: هذا الحديث لا تأويل فيه، ولو صح عندي لقُلتُ به.

ولهذا قلتُ في النَّظم: (مَا لَهُ مِنْ عَضُدِ)، أي: ليس لتأويلهم بذلك شيء يعتضد به. وقد سبق فوائد تتعلق بهذا الحديث في قاعدة: "ترك الاستفصال"، فليراجع.

قال ابن الحاجب: (وأمَّا تأويل قوله - صلى الله عليه وسلم - لفيروز الديلمي وقد أَسلم على أختين: "اختر أيتهما شئت" (١) فأبعد) (٢).

أي: تأويله بمثل ما سبق في حديث غيلان أَبْعَد؛ لِما سبق مِن الأمرين، وزيادة أمر ثالث وهو التصريح بقوله: "أيتهما شئت"، لظهوره في أن التَّرتيب غير معتبَر.

ولهم أيضاً تأويل ثالث يشملهما، وهو أنَّه لعل هذا كان قبل حَصر النساء وقَبْل تحريم الجمع بين الأختين. وهو مردود بما سبق.

المثال الثَّاني:

تأويلهم قوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤] على إطعام طعام ستِّين مسكينًا، وهو ستون مُدًّا ولو كان ذلك لمسكين واحد في ستِّين يومًا؛ لأنَّ المقصود دفع الحاجة، وحاجة ستِّين كحاجة واحد في ستِّين يومًا؛ فاستويَا في الحكم.

ووجْه بُعْده أنَّه تعطيل للنَّص؛ إذ جعلوا [المعدوم] (٣) -وهو "طعام"- مذكورًا، فيصح كونه مفعولًا لِـ "إطعام"، وجعلوا المذكور -وهو "ستِّين مسكينًا"- عَدمًا مع صلاحيته لكونه مفعولًا لِـ "إطعام" مع ظهور قصد العدد؛ لفضل الجماعة وبركتهم وتظافُر قلوبهم على


(١) سبق تخريجه.
(٢) مختصر المنتهى (٢/ ٤١٩) مع بيان المختصر.
(٣) في (ص، ق): المعلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>