للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدعاء للمحسن، وهذا لا يوجد في الواحد؛ ولهذه الحكمة شُرِعَت الجماعة في الصَّلاة وغيرها.

وأيضًا فلا يجوز استنباط معنى مِن النَّصُّ يعود عليه بالإبطال.

قال إمام الحرمين: (ولأنَّ "أطعم" يتعدى إلى مفعولين، والمهم منهما ما ذُكر، وغير المهم هو المسكوت عنه، وقد ذكر الله عدد المساكين وسكت عن ذِكر [الطَّعام] (١)، فاعتبروا المسكوت وتركوا المذكور، وهو عكس الحق) (٢).

وانتصر المازري (٣) للحنفية بوجهين: فقهي، ونحوي:

فالفقهي: أنَّه لا يَلزم مِن قولهم إبطال النَّصُّ إلَّا إذا جوَّزوا إعطاء المسكين الستين مُدًّا دفعةً، أما في ستِّين يومًا فكل يوم ذلك المعطَى يَصدُق عليه أنَّه مسكين. فإذا أطعِم في ستِّين يومًا، كان إطعام ستِّين مسكينًا؛ لأنهم لم يُعيِّنوا المعطَى، إنَّما ذلك على سبيل الاتفاق مثلًا.

وأمَّا النّحوي: فذكر أن سيبويه يُقدِّر المصدر بـ "ما" ويقدره بـ "أن". فهنا يُقدَّر بـ "ما"، أي: فما يُطعِم ستِّين مسكينًا. وإليه جنح أبو حنيفة. وغيرُه يُقدِّر بـ "أن".

ورُدَّ الأوَّل بأنَّ تعطيل النَّصُّ بالاتحاد حاصل سواء في ستِّين يومًا أو دفعةً، وقد سبق حِكمة الجمع.

ورُدَّ الثَّاني بأنَّ الذي يُقدِّره سيبويه إنَّما هو في المصدر العامل، يُقدِّره بالحرف المصدري مع الفعل على تفصيله المشهور في الماضي والحال والمستقبل.

قال ابن السبكي: (وقد أرسلتُ إلى الشَّيخ جمال الدين ابن هشام وهو أَعْلَم هذه


(١) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): الاطعام.
(٢) البرهان (١/ ٣٦١).
(٣) إيضاح المحصول (ص ٣٩٩ - ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>