وقوله: ألبستنا نقبتها: فإن النقبة: أن تؤخذ القطعة من الثوب قدر السراويل، فتجعل لها حجزةٌ مخيطةٌ من غير نيفق، وتُشد كما تُشد حجزة السراويل، فإذا كان لها [٣٩٩] نيفقٌ وساقان، فهي سراويل، وإذا لم يكن لها نيفقٌ ولا ساقان ولا حجرةٌ، فهو النطاق، وذلك: أن تأخذ المرأة الثوب. فتشتمل به، ثم تشد وسطها بخيطٍ، ثم ترسل الأعلى على الأسفل، فهذا النطاق فيما فسره لي أبو زيادٍ الكلابي، وبه سُميت أسماء بنت أبي بكرٍ "ذات النطاقين" وقال بعض الناس: إنما سميت بذلك أنها كانت تطارق نطاقاً بنطاقٍ استتاراً. ويقال: بل كان لها نطاقان، فكان أحدهما عليها كما تنتطق المرأة. وكان الآخر تجعل فيه طعاماً تأتي به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبا بكرٍ [رضي الله عنه] وهما في الغار.
وقوله: زودتنا يمينتيها من الهبيد - هكذا جاء الحديث، ولكن الوجه في الكلام أن يكون يمينتيها - بالتشديد؛ لأن تصغير يمينٍ، وتصغير الواحدة يمينٌ بلا هاءٍ.
وإنما قال: يمينتيها، ولم يقل: يديها، ولا كفيها؛ لأنه لم يُرد أنها جمعت كفيها ثم أعطتهما بجميع الكفين، ولكنه أراد أنها أعطت كل واحدٍ كفاً واحدةً بيمينها، فهاتان يمينان، [ولو جمعتهما لكانتا يميناً وشمالاً].
وأما قوله: الهبيد، فإنه حب الحنظل، زعموا أنه يعالج حتى يمكن أكله، ويطيب.