للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: القول بالتخصيص في الآية، لا أصل القول الثالث.

ثم قال شيخ الإسلام: قلت قول الكرامية ومن وافقهم، وان كان أرجح من أقوال المعتزلة، لما أثبتوه من حكمة الله؛ وقولهم في تفسير الآية، وإن وافقوا فيه بعض السلف، فهو قول ضعيف مخالف لقول الجمهور.

والقول الرابع: أنه على العموم، لكن المراد بالعبادة تعبيده لهم وقهرهم، ونفوذ قدرته ومشيئته فيهم، وأنه أصارهم إلى ما خلقوا له من السعادة والشقاوة؛ وفسروا العبادة بالتعبيد القدري؛ وهذا يشبه قول من يقول من المتأخرين: أنا كافر برب يعصى؛ فإنه جعل كل ما يقع من العباد طاعة، كما قال قائلهم:

أصبحت منفعلا لما يختاره ... مني ففعلي كله طاعات

وأما هؤلاء: فجعلوا عبادة الله كون العباد تحت المشيئة; وكان بعض شيوخهم يقول عن إبليس: إن كان قد عصى الأمر فقد أطاع القدر والمشيئة; وما رواه ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم، في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات آية: ٥٦] قال: "جبلهم على الشقاء والسعادة".

وقال وهب: جبلهم على الطاعة وجبلهم على المعصية، وقد روي أيضا عن طائفة نحوه; وهؤلاء وإن وافقوا من قبلهم في معنى الآية، فهم – أعنى زيد بن أسلم، ووهب بن منبه - من أعظم الناس تعظيما للأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>