بالخلق، بل يتضرر، فتناقضوا، كما تقدم. ونحن أثبتنا حكمة علم أنها تقع، فوقعت، وقد يخلق ما يتضرر بالخلق لنفع الآخرين؛ وفعل الشر القليل لأجل الخير الكثير حكمة، كإنزال المطر لنفع العباد، وإن تضرر البعض. قالوا: وفي خلق الكفار وتعذيبهم اعتبار للمؤمنين وجهادهم ومصالحهم؛ وهذا اختيار القاضي أبي حازم بن القاضي أبي يعلى. قالوا: فقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ}[سورة الذاريات آية: ٥٦] هو مخصوص بمن وقعت منه العبادة، وهذا قول طائفة من السلف والخلف، وهو قول الكرامية. وعن سعيد بن المسيب في معنى الآية قال: ما خلقت من يعبدني إلا ليعبدني، كذلك قال الضحاك والفراء وابن قتيبة; هذا خاص بأهل طاعته. قال الضحاك: هي للمؤمنين، وهذا اختيار أبي بكر بن الطيب، وأبي يعلى، وغيرهما ممن يقول: إنه لا يفعل لعلة. قالوا: - واللفظ لأبي يعلى-: هذا بمعنى الخصوص لا العموم، لأن البله والأطفال والمجانين لا يدخلون تحت الخطاب، وإن كانوا من الإنس، وكذلك الكفار، بدليل قوله تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ}[سورة الأعراف آية: ١٧٩] ؛ فمن خلق للشقاء لجهنم يخلق للعبادة. قلت: قوله: وهذا قول طائفة من السلف والخلف،