للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجمعك عليَّ، وبلاء يجمعك عليَّ خيرٌ من عافية تجمعك على شر (١).

ثم اعلم بأن كل أحد يود يوم القيامة أن لو كان فقيرًا مبتلى في جسمه، معافى في دينه؛ لما يرى من تخفيف الحساب، وجزيل الثواب، وليس للعبد أنفع في الدنيا من الفقر والبلاء والخمول؛ لكي يشغل بذلك عن الخروج عن طريق الرسول.

وقد جاء في الحديث: «الدنيا سجن المؤمن» (٢). والفرح لا يليق بالمسجون، ولا يفرح فيه إلا كلُّ عبدٍ مفتون، واسمع قول الصادق الأمين: «إن الله يحب كل قلب حزين» (٣)، ومن عادة المسجون أن يحدق بعينيه ويصغي بأذنيه متى يدعى فيجيب.

كان بعض الصالحين كثير الالتفات، فقيل له في ذلك فقال: أنتظر ملك الموت من أين يأتيني.

وكان بعضهم يقول:

عجبت لمن يدوم له السرور … ويعلم أن مسكنه القبور

ومن يمسي ويصبح (٤) في أمان … وقد نسي القيامة والنشور

وفي الخبر أن رجلًا قال للنبي : إني أحب الله. فقال له: «اعتدَّ للبلاء». وقال رجل آخر للنبي : إني أحبك. فقال له: «اعتد للفقر» (٥).


(١) في (خ): (تجمعك عليك). ولم أقف عليه.
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٣٢٣ (٨٢٨٩)، ومسلم في «صحيحه» (٢٩٥٦)، والترمذي في «جامعه» (٢٣٢٤)، وابن ماجه في «سننه» (٤١١٣)، وابن حبان في «صحيحه» (٦٨٧) من حديث أبي هريرة، ولفظه: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر».
(٣) أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (١٤٨٠)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٣١٥، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٨٩٢) من حديث أبي الدرداء . وقال الألباني في «ضعيف الجامع» (١٧٢٣): ضعيف.
(٤) في (خ) يصبح ويمسي.
(٥) ذكره الغزالي في «الإحياء» ٤/ ٢٩٥ بلفظ: إن رجلًا قال يا رسول الله إني أحبك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>