للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوايا التي هناك مالا له صورة، وفعل من وجوه البر والصدقات أشياء كثيرة، وما أبقى في ذلك ممكنا.

فلما كان يوم الأربعاء، الموافق لتاسع عشري مسري، عول ملك الأمراء على أن يخرج إلى الاستسقاء وصحبته الناس قاطبة يوم الخميس، وقد تزايد قلق الناس إلى الغاية، واشتد الأمر عليهم بسبب نقص النيل عند ليالي الوفاء وقد قال القائل في المعنى:

بمسري النيل ما أوفي فضجوا … وذب القحط فينا من أبيب

ولم أضرع لمخلوق لأني … وجدت الله أشفق من أبي بي

وفي هذه الواقعة يقول الأديب البارع الناصري محمد بن قانصوه بن صادق وقد أجاد حيث قال:

أسبل النيل من عيوني عبره … مذ أراني من التنقص عبره

يا لها عبرة ثوت بفؤادي … ورمت بالهموم في القلب جمره

شهر مسري تسع وعشرين يوما … فيه فات الوفا فأين المسره

ربنا الطف بالخلق في النيل واطلق … بزياداته من النقص أسره

واشرح الصدر بالوفا منك واسبل … يا سميع الدعا بفضلك ستره

واجعل الأرض منه في خير خصب … ورخاء واجبر بلطفك كسره

فلما كان يوم الأربعاء تاسع عشري مسري، طلع ابن أبي الرداد إلى ملك الأمراء بعد الظهر وبشره بأن النيل قد زاد من النقص ثلاث أصابع، فسر ملك الأمراء بذلك. وقيل:

أنعم عليه بمائة دينار وفرس وألبسه قفطانا مخملا مذهبا، وأنعم على الصبي الصياح الذي ينادي على البحر بجوخة حمراء. فلما أشيع ذلك سر به الناس قاطبة، وانطلقت النساء بالزعاريت من الطيقان، وكانت فرحة عامة لجميع الناس قاطبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>