للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجوها من قدامى. فلما خرجت من بين يديه وجدوها لابسة زردية من تحت ثيابها وهي متحملة بحنجر كبير من تحت ثيابها، فلما عاينها المماليك الجلبان على تلك الحالة ضربوها بالسيوف، وقد تحققوا أنها هجمت على السلطان تريد قتله لا محالة. فلما قتلوها رسم السلطان بأن يعلقوها على باب النصر، فأتوا بها وهي عريانة وصاروا يسحبونها من الريدانية إلى باب النصر، واستمرت معلقة هناك يومين عريانة وعورتها مكشوفة بين الناس، ثم دفنت.

ثم إن السلطان أرسل مع دوادار الوالي رأسين مقطوعين، فزعموا أن أحدهما رأس إبراهيم السمرقندي، والآخر رأس أمير من أمراء ابن عثمان، فعلقوهما على دكان عند باب زويلة. وقد تحيل بعض العربان على إبراهيم السمرنقدي وأضافه وبات عنده، وكان السمرقندي أتى صحبة ابن عثمان. فلما بات تلك الليلة عند البدوي حز رأسه تحت الليل، فلما طلع النهار أحضرها بين يدي السلطان طومان باي وقال له: "الذي يأتيك برأس إبراهيم السمرقندي ايش تعطيه؟ " فقال له السلطان: "أعطيه ألف دينار". فأخرج رأس السمرقندي من تحت برنسه وقال له: "هذا رأس إبراهيم السمرقندي"، فلما تحقق السلطان ذلك دفع لذلك البدوي ألف دينار. وكان إبراهيم السمرقندي أصله من المدينة الشريفة، وطاف من بلاد العجم إلى بلاد الروم، وكان يعرف اللغة التركية … فلما دخل إلى مصر تحشر في السلطان الغوري وصار من جملة أخصائه، فلما جرى للغوري ما جرى وانكسر التف على سليم شاه بن عثمان وصار من أخصائه. وقيل هو الذي حسن لابن عثمان أن يدخل مصر ويملكها ويقطع جادرة الجراكسة من مصر، وأطمعه في ذلك حتى دخل مصر … وكان السمرقندي من الظلمة الكبار، ولو عاش إلى أن ملك ابن عثمان مصر ما كان يحصل لأهلها منه خير قط. وكان يرافع في أعيان مصر أشد المرافعة، فأراح الله تعالى منه الناس قاطبة وكفاهم شره.

وفي يوم الأربعاء ثامن عشري ذي الحجة وردت الأخبار بأن جاليش عسكر ابن عثمان قد نزل الحاج، فاضطربت أحوال عسكر مصر، وأغلقوا باب الفتوح، وباب النصر، وباب الشعرية، وباب البحر، وباب القنطرة، وغير ذلك من أبواب المدينة.

وغلقت الأسواق التي بالقاهرة، وتعطلت الطواحين، وتشحط الدقيق والخبز من الأسواق.

ثم إن السلطان لما تحقق وصول عسكر ابن عثمان إلى بركة الحاج، زعق النفير بالوطاق، فركب العسكر قاطبة وركب سائر الأمراء المقدمين والأمراء الطبلخانات والعشراوات، وركب قاسم بك بن عثمان، فاجتمع من الصناجق نحو ثلاثين صنجقا، واجتمع من العساكر من أرباب الوطاق ومن المماليك السلطانية ومماليك الأمراء والعربان

<<  <  ج: ص:  >  >>