للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكسرهم قبل أن يدخلوا إلى الخانكاه، ويجدوا العليق والمأكل والمشرب والراحة من التعب … فلم يتفق للسلطان أن يلاقيهم من هناك حتى تمكنوا من الدخول إلى الخانكاه.

ثم رسم السلطان للعسكر بأن يبيتوا تلك الليلة قدام الوطاق، وهم على ظهور خيولهم لابسين آلة الحرب، ولا يناموا إلا بالنوبة خوفا من هجمة تحت الليل من العثمانية. وقد اشتد الرعب في قلوب الجراكسة من عسكر ابن عثمان.

فلما قرب عسكر ابن عثمان من الخانكاه خرج منها غالب أهلها بأولادهم وعيالهم وقماشهم … ودخلوا إلى القاهرة خوفا على أنفسهم من عسكر ابن عثمان، وكذلك غالب فلاحي الشرقية وأهل بلبيس، قد دخلوا إلى القاهرة خوفا من النهب والقتل من العثمانية.

ثم إن العربان من السوالمة صاروا يقبضون على كل من يلوح لهم من العثمانية، ويقطعون رءوسهم ويحضرونها بين يدي السلطان، فيرسم السلطان بأن تعلق على باب النصر وباب زويلة.

ثم إن السلطان عرض العسكر بالريدانية وهم لابسون آلة الحرب حتى عرض الأمراء المقدمين والعشراوات … وحضر الأمراء المقدمون وهم بالطبول والزمور، وكان لهم يوم مشهود بالريدانية.

ثم إن السلطان سار إلى بركة الحاج وصحبته الأمراء والعسكر قاطبة فسير بهم، ثم رجع إلى الوطاق وقدامه الطبول والزمور والنفوط، فامتدت العساكر من الجبل الأحمر إلى غطان المطرية حتى سدت الفضاء.

وأشيع أن السلطان لما تحقق وصول ابن عثمان إلى بلبيس، رسم بحرق الشول التي في بلبيس وما حولها، حتى الشون التي في الخانكاه، فأحرقوا أشياء كثيرة من التبن والدريس وغير ذلك من القمح والشعير والفول، وذلك لأجل عسكر ابن عثمان حتى لا ينهبوها بسبب خيولهم، فيقوي بذلك العسكر على القتال.

وفي هذه المدة صارت العربان تقطع رءوس العثمانية الذين يظفرون بهم في الطرقات، فيرسل السلطان يعلق تلك الرءوس على أبواب المدينة.

ومن الحوادث في هذه السنة أنه أشيع أن السلطان كان جالسا في الخيمة وإذا بشخص من التركمان قد دخل عليه وهو لابس زنطا أحمر وفي وسطه محمق وتركاش، وقد ضرب على وجهه لثاما، وكان السلطان في نفر قليل من الخاصكية. فلما هجم ذلك الشخص على السلطان وقرب منه دفعه بعض الطواشية الذين كانوا واقفين بين يدي السلطان، فلما مس صدر ذلك الشخص وجد في صدره ثديين طويليين فكشف اللثام عن وجهه، فإذا ذلك الشخص امرأة من نساء التراكمة، فتوهم السلطان أنها تقصد قتله، فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>