وفي يوم الجمعة ثالث عشرية وردت الأخبار بأن عسكر ابن عثمان قد وصل أوائله إلى قطيا، فاضطربت أحوال الناس لذلك.
وفي يوم السبت رابع عشرية عرض السلطان العسكر الذين بالوطاق، فاجتمع منهم الجم الكثير فوعدهم السلطان أنهم إذا قاتلوا عسكر ابن عثمان بقلب، وانتصروا عليهم، ينفق على كل واحد منهم عشر أشرفيات، وينعم على كل واحد منهم بسيف وترس. ورسم للأمير أنسباي أمير آخور بأن يصلح بين زعر الصليبة وزعر المدينة.
وفي ذلك اليوم أشيع أن السلطان اهتم بعمل حائط يستر بها المكاحل التي نصبها بالريدانية، وأشيع أن السلطان جعل يحمل الحجارة بنفسه مع البنائين. فلما رأى العسكر أن السلطان حمل الحجارة بنفسه، صار المماليك يحملون الحجارة ويشيلون التراب مع الفعلة في حفر الخندق، وعمل الحائط التي تستر المكاحل.
ثم وردت الأخبار بأن عسكر ابن عثمان قد وصل إلى بليبس.
وفي يوم الأحد خامس عشرية، حضر الأمير قانصوه العادلي، الذي كان كاشف الشرقية، وكان السلطان قد أرسله ليشكف أخبار عسكر ابن عثمان، إذا كانوا قد وصلوا إلى هناك، أي إلى القرب من الصالحية. فلما وصل الأمير قانصوه الصالحية، رأى جماعة من عسكر ابن عثمان قد وصلوا إلى هناك، فقبض على شخصين منهم وحز رأسيها وأحضرهما بين يدي السلطان، وكان صحبة تلك الرءوس شخص من أبناء حلب من جماعة خاير بك نائب حلب الذي خامر على السلطان الغوري والتف على ابن عثمان.
فلما وقف بين يدي السلطان طومان باي أخبره أن الواصل إليك خاير بك نائب حلب وصحبته ابن سوار وجماعة من أمراء ابن عثمان، وأن هذا الجاليش فيه من عسكر ابن عثمان ثمانية آلاف فارس، وقد بطلت خيولهم من التعب والجوع، وأن الغلاء موجود في عسكره. ووجدوا مع ذلك الرجل الحلبي عدة مطالعات من خاير بك نائب حلب إلى الأمراء المقدمين الذين بمصر، فأخذ السلطان المطالعات التي كانت معه، ووضع ذلك الرجل الحلبي في الحديد.
وأشيع أن عسكر ابن عثمان لما دخل بلبيس نادى لأهل بلبيس بالأمان والاطمئنان، وأن لا أحد من العساكر العثمانية بشوش على أحد من أهل بلبيس، ولا الفلاحين قاطبة.
ثم أشيع أن عسكر ابن عثمان قد وصل إلى العكرشة، فلما تحقق السلطان ذلك أراد أن يخرج بالعسكر ويلاقيهم من هناك، فلم تمكنه الأمراء من ذلك … ولو لاقاهم من هناك كان عين الصواب، فإن خيولهم كانت قد بطلت من الجوع والتعب، وكان غالب عسكر ابن عثمان مشاة على اقدامهم من حين خروجهم من الشام وهم في غاية التعب، فكان ربما