للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصر، حتى يستعين بذلك على قتال ابن عثمان الباغي على أهل مصر. فلم يظهر لإشاعة هذه العونة خبر ولا نتيجة، وإنما هي إشاعة ليس لها صحة فيما نقل عنها.

ولما خرج السلطان إلى الريدانية أشيع أنه يتوجه من هناك إلى الصالحية ليلاقي عسكر ابن عثمان، فمنعه الأمراء من التوجه إلى الصالحية، وقالوا ما يقع بيننا وبينه قتال إلا في الريدانية.

ثم إن التجار صارت تنقل أمتعتها وأموالها من الدكاكين التي في الأسواق، ويدحلونها في الأماكن المنسية، حتى تسلم، وما سلم منها شيء.

وفيه تحول غالب الناس من أطراف المدينة ودخلوا القاهرة وسكنوا بها، ونقل أعيان الناس قماشهم إلى الترب، وإلى المدارس والزوايا والمزارات، وإلى بيوت العوام التي في الرباع، لعله يسلم وما سلم منه شيء، كما سيأتي الكلام على ذلك في موضعه.

وفي آخر هذه السنة توفي الشهابي أحمد بن الأمير أسنبغا الطياري رأس نوبة النوب كان وكان الشهابي أحمد من أعيان أولاد الناس الرؤساء، وكان حشما رئيسا لا بأس به، ومات وله من العمر ما قارب التسعين سنة، وكان من المعمرين في الأرض.

وفي يوم الخميس ثاني عشرية وردت الأخبار بأن ابن عثمان قد خرج من غزة، وأن أوائل عسكره قد وصل إلى العريش. وأشيع أن السلطان رسم بحفر خندق من سبيل علان الجبل الأحمر وإلى آخر غيطان المطرية، ثم إن السلطان نصب على ذلك الخندق الطوارق والمكاحل معمرة بالمدافع، وصف حولها العربات الخشب التي صنعها بالقلعة كما تقدم ذكر ذلك.

ثم إن السلطان رسم للأمير ماماي الصغير المحتسب بأن ينادي في القاهرة للسوقة وأرباب البضائع من الزياتين والخبازين والجزارين بأن يحولوا بضائعهم إلى الوطاق عند تربة العادل، وينشئوا هناك سوقا ويبيعوا على العسكر الذي هناك.

ثم إن السلطان رسم للوالي بأن ينادي في القاهرة للعسكر الذين تأخروا بأن يخرجوا إلى الريدانية ولا يتأخر منهم أحد. فنادت المشاعلية في الحارات والأزقة بأن المماليك السلطانية تخرج في ذلك اليوم إلى الوطاق، وكل من تأخر منهم شنق على باب منزله من غير معاودة. وجعل يكرر المناداة في ذلك اليوم مرتين، فإنه قد بلغ السلطان أن جماعة من المماليك السلطانية صاروا يتوجهون إلى الوطاق في باكر النهار حتى ينظرهم السلطان، ثم يرجعون إلى بيوتهم ويبيتون بها، فشق ذلك على السلطان وحجر عليهم بأن يبيتوا في الوطاق كل ليلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>