للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعفه، ولكن الأصح سفره. وخرجت بقية الأمراء المقدمي الألوف قاطبة، والأمراء الطبلخانات، والعشراوات قاطبة، وعساكر مصر، ولم يبق بها من الأمراء والعسكر إلا القليل، وهذه التجريدة أكثر عسكرا من التجريدة التي خرجت مع السلطان الغوري.

وكان هذا السلطان له عزم شديد في عمل هذه العجلات وسبك المكاحل، وعمل البندق الرصاص، وجمع من الرماة ما لا يحصى، وكانت له همة عالية ومقصد جميل، ولعل الله تعالى أن ينصره على ابن عثمان. وكان ابن عثمان باغيا على عسكر مصر، وقد عاداهم وتعدى عليهم بغير سبب، والباغي له مصرع.

وفيه أشيع أن السلطان رسم بأن الأفيال الكبار تخرج صحبة العسكر إذا تقاتلوا مع ابن عثمان بعد ثلاثة أيام.

وفي ذلك اليوم لما خرج العسكر ركب السلطان من الوطاق، وتوجه إلى المصطبة التي بالريدانية، التي تسمى المطعم، فجلس بها واجتمع الجم الكثير، وهم لابسون آلة السلاح، وقد سدوا الفضاء واجتمع هناك السواد الأعظم من العوام حتى النساء، وقد أطلقوا الزغاريت هناك، وارتفعت الأصوات بالدعاء للسلطان بالنصر، وكان يوم مشهود.

فلما نظر السلطان إلى العسكر لم يعرضهم باستدعاء هناك، بل نادى بأن جميع العسكر المصور من كبير وصغير لا يناخر منهم أحد، وأن العرض في الصالحية، وأن السلطان لا يتوجه إلى الصالحية حتى يخرج العسكر قدامه من هناك ثم يعود إلى القلعة وكان ذلك عين الصواب.

وفي يوم الأربعاء حادي عشرية استمر السلطان مقيما بالريدانية وخرج في ذلك اليوم بقية العسكر وقد ترادف الخروج من غير عذر ولا حجة والسلطان يستحثهم في سرعة الخروج.

ولما نزل السلطان من القلعة أخذ صحبته قاسم بك، وهو الصبي الذي من أولاد ابن عثمان، وقد تقدم ذكره، فجعل له السلطان بركا وسنيحا على انفراده، ورسم له بأن يسافر صحبة العسكر، ويقف وقت الحرب تحت الصنجق السلطاني.

وأشيع أن سليم شاه في قلبه الواجس من هذا الصبي، وقيل أن غالب عسكره مائل إلى هذا الصبي، ويقولون إذا انكسر سليم شاه مالنا إلا ابن أستاذنا هذا نسلطنه عوضا عن سليم شاه.

وفي ذلك اليوم أشيع أن صاحب رودس، أرسل إلى السلطان ألف رام من جماعته يرمون بالبندق الرصاص. وأرسل إليه عدة مراكب فيها بارود، فدخلت تلك المراكب إلى ثغر دمياط، وأرسلوا يعلمون السلطان بذلك، وهذه عونة من صاحب رودس إلى سلطان

<<  <  ج: ص:  >  >>