للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معه وحملوها وألقوها فى فسقية موتى هناك، وأخذوا الكوفية من على رأسها وتركوها تخطبط (١) فى دمها، فأقامت هناك يوما وليلة فكثر التفتيش عليها من أبيها وأمها، فنزل أبوها إلى السوق وأوصى التجّار على الكوفية الذهب التى كانت على رأس ابنته، فبينما هو فى الصاغة وإذا بالصبى الأمرد، الذى أخذ الكوفية وذبح البنت فى الصاغة ومعه الكوفية، فأشهرها فى المناداة فتناهى سعرها إلى أربعين أشرفيا، فقال: بعتك. فقال له الدلال: احضر لك ضامن ثقة. فلم يجد من يضمنه، فقبضوا عليه وأحضروا أبو البنت، فقبض عليه من باب الأمير كمشبغا الوالى، فلما عرضوه على الوالى ضربه بعض عصىّ فأقرّ بأنه أخذ الكوفية من على رأس البنت وذبحها وأرماها فى فسقية موتى خلف مزار السيدة نفيسة ، فقالوا له: امض معنا وأرينا ذلك المكان الذى أرميتها فيه. فخرج معهم وهو فى الحديد وأتى بهم إلى تلك الفسقية التى أرماها فيها. فنزل أبو البنت إليها فوجدها راقدة وهى مذبوحة وفيها بعض روح ولم ينقطع وريدها من الذبح، فحملها وطلع بها من تلك الفسقية فعرفته، فقال لها: من فعل بك هذا؟ فقالت: جارنا الصبى القمرياتى ومعه عبد أسود. فلما بلغ ذلك ملك الأمراء أرسل أحضر الجميع إلى بين يديه، وقصّوا عليه قصّة هذه البنت وما جرى لها مع الصبى القمرياتى، فحزن عليها ملك الأمراء، وقال لها: من فعل بك ذلك؟ فأشارت إلى الصبى القمرياتى والعبد الأسود، ثم رسم ملك الأمراء بشنق الصبىّ القمرياتى والعبد الأسود على باب البيت الذى أخذ منه البنت، وأحضروا للبنت من قطب لها مكان الذبح الذى برقبتها وعاشت بعد ذلك وبرئت من الذبح، فعدّ ذلك [من] النوادر ومن العجائب والغرائب.

قيل إن البنت لما أرماها الصبىّ فى فسقية الموتى وهى مذبوحة أحكت لأمها، قالت:

لما بتّ فى الفسقية دخلت علىّ امرأة وعلى وجهها برقع، وقالت لى لا تخافى أنا السيدة نفيسة وغدا (٢) أخلّصك من هذا المكان. ثم مسحت الدم عن رقبتى فانقطع


(١) تخطبط: كذا فى الأصل.
(٢) وغدا: وأغدا.