للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى تلك الليلة ختمة بالقلعة. واستدعى القضاة الأربعة، فلما تكامل المجلس شرع قاضى القضاة محيى الدين يحيى ابن قاضى القضاة برهان الدين الدميرى المالكى يتكلم مع ملك الأمراء بأن يشفع فى القاضى نور الدين على الفيومى، وقد تقدّم القول بأن ملك الأمراء تغيّر خاطره عليه فنفاه إلى دمنهور وأقام بها مدّة طويلة، فلما شفع فيه القاضى المالكى رسم بإحضاره من دمنهور، وكان أحد نواب الحنفية فكثرت فيه الشكاوى، وكان غير محمود السيرة، فنفاه ملك الأمراء وتغيّر خاطره عليه واستمرّ هناك حتى شفع فيه. ثم فى ذلك المجلس شفع قاضى القضاة المالكى أيضا فى شمس الدين محمد السّرم ساحى، فتوقّف ملك الأمراء فى أمره قليلا وعدّ له جملة مساوئ، فلا زال قاضى القضاة يتلطّف به حتى رضى عليه، وكان منعه أن لا يعمل قاضيا ولا شاهدا ويلزم داره دائما وكتب عليه قسامة بذلك، فرضى عنه فى ذلك المجلس. ثم إن قاضى القضاة شفع فى نور الدين على الحسنى المعروف برصاص المؤذن بأن تعادله وظائفه التى كانت فى المدرسة الغورية، وكانت خرجت عنه لما توجه إلى إسطنبول وأقام بها، فرسم له بإعادة وظائفه التى كانت بالغورية. وكان قاضى القضاة المالكى عند ملك الأمراء من المقرّبين، وكان يحضر مجلس محاكماته فى كل يوم سبت ويفصل المحاكمات بحضرة ملك الأمراء، ورأى فى أيامه غاية العزّ والعظمة فوق ما رآه قاضى القضاة الحنفى عبد البرّ بن الشحنة فى أيام السلطان قانصوه الغورى، فعدّ ذلك من النوادر فى إطاعة ملك الأمراء لقاضى القضاة المالكى فى جميع ما سأله فيه فى ذلك المجلس بالإجابة له، ولم يردّ له شفاعة فى جميع ما سأله فيه.

وفيه قدمت الأخبار من إسطنبول بأن الأمير جانم الحمزاوى لما وصل إلى إسطنبول قابل الخندكار ابن عثمان، وقبل منه التقدمة التى أرسلها صحبته ملك الأمراء، وأكرمه إلى الغاية وأذن له بالعود إلى مصر وهو واصل عن قريب. وأشيع فى الأخبار الواردة من إسطنبول أن جماعة من الأعيان تسحّبوا من إسطنبول، منهم:

القاضى ناظر الخاص علاى الدين على بن الإمام وأخوه محمد، والقاضى أبو البقا ناظر الاسطبل وأخوه يحيى أولاد إبراهيم المستوفى، وبهاى الدين بن البارزى،