للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه قبض ملك الأمراء على شخص من الصيارف الحجازبين، وكان يجلس على قفص عند سوق الباسطية (١)، فلما قبض عليه رسم بشنقه، فشفع فيه خير الدين نائب القلعة وغرم مبلغا له صورة حتى سلم من الشنق، ولا له ذنب أوجب ذلك سوى أنه أصرف أشرفيا بزيادة خمسة أنصاف، وقد خالف المناداة وأصرف أشرفيا ذهبا بخمسة وخمسين نصفا بزيادة خمسة أنصاف، فكاد أن يشنق ظلما، وقيل بل شنقه على باب زويلة، وأمره مشهور بما وقع له فى ذلك اليوم، ولم يقبل فيه شفاعة وشنقه على خمسة أنصاف وراح ظلما. - وفيه رسم ملك الأمراء بشنق خمسة أنفار قبض عليهم شيخ العرب ابن أبى الشوارب، وزعموا أنهم من أكابر المنسر وأعيان المفسدين، فلما قبض عليهم ابن أبى الشوارب أرسل كاتب ملك الأمراء بذلك، فأرسل إليه القاضى بركات بن موسى المحتسب فأحضرهم إلى القاهرة، فرسم ملك الأمراء بشنقهم فشنقوا.

وشنق فى ذلك اليوم شخص زعموا أنه سرق إزارا ونقابا وشعرية فراح ظلما. وكان ملك الأمراء عجولا فى أمر القتل.

وفيه نزل ملك الأمراء وسيّر إلى نحو بولاق، ثم رجع من هناك ودخل من باب النصر وشقّ القاهرة، فلما شقّ منها لم يدع (٢) له أحد من الناس بالنصر ولا زغرتت له النساء من الطيقان بل أغلظ عليه بعض العوام، وقال له: انظر بالشفقة فى أحوال المسلمين بسبب الخبز والدقيق وسائر الأسعار فى البضائع مشتطّة. - وفى يوم الثلاثاء تاسعه توفى القاضى شمس الدين محمد بن عبد الكافى أحد نوّاب الشافعية، وكان من أعيان النوّاب، وكان ضخم الجسد مثقلا بالشحم جدّا. - وفى يوم الأربعاء عاشره كان أول مسرى من الشهور القبطية، ففيه زاد الله فى النيل المبارك عشرة أصابع فسرّ الناس بذلك، وكان فى أول الزيادة صار يسلسل ولم يزد سوى أصبع أصبع نحو عشرة أيام متوالية، ثم فى اليوم الثانى من مسرى زاد الله فى النيل المبارك خمسة عشر أصبعا دفعة واحدة، فسرّ الناس بذلك إلى الغاية.

وفى يوم الأحد ليلة الاثنين كان ليلة النصف من شعبان، قرأ ملك الأمراء


(١) الباسطية: الباسيطة.
(٢) لم يدع: لم يدعوا.