السلطان الغورى، وكان ريّسا حشما لا بأس به، فنزل ملك الأمراء وصلّى عليه، وكانت جنازته حفلة. - وفى يوم الثلاثاء ثامن عشره كان ختان ولد القاضى شهاب الدين أحمد بن شرين أحد نوّاب الحنفية، فكان له زفّة حافلة مشى فيها أعيان الناس من المباشرين وغير ذلك.
وفى شهر شعبان أهلّ يوم الاثنين، فصعد القضاة الأربعة إلى القلعة نهنّوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى دورهم. - وفيه كان كاينة محبّ الدين بن أصيل الكفيف، وكان من ملّخص واقعته أن كان بيده مشيخة المدرسة الجمالية التى عند سجن الرحبة، أخذها بنزول عن شخص من الفقهاء، فأقامت بيده مدّة ثم انتدب له من رافعه، وقال: شرط الواقف أن تكون مشيخة الجمالية لأعلم علماء الشافعية، وأنت شخص عارى عن العلم. فأخرج ملك الأمراء المشيخة عن محبّ الدين بن أصيل وقرّر بها شيخ الإسلام زين الدين زكريا الشافعى، فشقّ ذلك على محبّ الدين بن أصيل وحصل له غاية البهدلة من ملك الأمراء، وقصّته مشهورة بما جرى له.
وفيه وقعت كاينة عظيمة للأمير ألماس أخى أمير كبير قرقماس من ولى الدين، وكان من ملخّص هذه الواقعة أن كان عند الأمير ألماس مملوك عايق، يتزايا بزى العثمانية ويخرج بالليل يقطع الطريق، فقبض عليه بعض الأنكشارية وأحضره إلى بين يدى ملك الأمراء، وقالوا له: أنتوا تقولون أننا نقطع الطريق ونخطف العمايم، وقد وجدنا هذا المملوك يقطع الطريق فى بولاق وغيرها من الأماكن. فقال ملك الأمراء:
وهذا مملوك من؟ فقيل له: مملوك الأمير ألماس. وكان الأمير ألماس حاضرا، فقال له ملك الأمراء: ليش ما كنت ترجّع مملوكك عن الفساد؟ فقال له ألماس: ما كان يسمع لى كلام. فقال له ملك الأمراء: ليش ما شكوته لى أنا كنت أنصفك منه؟ فطال بينهما الكلام، ثم إن الأمير ألماس أغلظ على ملك الأمراء فى القول، فحنق منه فبطحه على الأرض وضربه ضربا مبرحا حتى عاين الموت، قيل ضربه عشر نوب، ثم رسم بنفيه إلى منفلوط وقيل إلى قوص، ثم رسم بتسليم ذلك المملوك الذى يتزايا بزى العثمانية إلى الوالى ليعاقبه، وخرج الأمير ألماس منفيا إلى قوص من يومه.