للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى عينى أحسن من اليوم. فلما جافت وتغيّرت هيئتها ركب إليه أقاربه وأبناء عمّه وعنّفوه على فعله، وأخذوا تلك الجارية لفّوها فى نطع ودفنوها، واستمرّ يزيد فى تأسّف عليها وحزن حتى مات بعدها بمدة يسيرة، انتهى ذلك.

وفى هذا الشهر اضطربت أحوال القاهرة وغلقت الأسواق بسبب المعاملة فى الذهب والفضة، وجعل ملك الأمراء على الأسواق أنكشارية بسبب صرف الدينار الذهب بأكثر من أشرفين فضة، وأشيع أن شخصا حجازيا من الصيارف أصرف أشرفيا ذهبا بأشرفين فضة وخمسة أنصاف، فرسم ملك الأمراء بإشهاره فى القاهرة وخزم أنفه وعلّق فيها الميزان، ثم شنقه فراح ظلما. - وفيه توفى الريّس محمد فتات العنبر ريّس المحبّظين، وكان أستاذا فى صنعة الخيال، وكان فاق على بريوه فى هذا الفن.

وفى يوم الاثنين خامس عشرينه قدم ابن الشريف بركات أمير مكة، وهو الذى يسمى ثقبة، وصحبته صهره عرار، فلما حضر خرج الأمراء الجراكسة والأمراء العثمانية إلى ملتقاه، فدخل القاهرة فى موكب حافل وقدّامه الأنكشارية يرمون بالنفوط. فلما صعد إلى القلعة تلقّاه ملك الأمراء من وسط الحوش السلطانى، وبالغ فى إكرامه إلى الغاية، وأخلع عليه قفطانا، وأخلع على عرار وعلى من معهم من العربان، وأنزلوا فى مكان عدّ لهم. - وفيه توفى الأمير طقطباى أستادار الصحبة أحد الأمراء العشرات، فلما مات دفنه ملك الأمراء فى مدرسته التى بباب الوزير.

وفى شهر رجب أهلّ يوم السبت، فطلع القضاة الأربعة إلى القلعة وهنّوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى دورهم. - وفى ذلك اليوم قرئ كتاب الشريف بركات أمير مكة بحضرة القضاة، فكان من مضمونه أنه أرسل يسأل فضل ملك الأمراء فى استقرار قاضى القضاة الشافعية بمكّة صلاح الدين بن ظهيرة على عادته، فأجيب إلى ذلك. ثم عيّن فى ذلك اليوم قاضى مالكى وقاضى حنبلى إلى المدينة الشريفة، وانفضّ المجلس على ذلك. - وفى يوم الأربعاء خامس رجب طلع ابن أبى الرداد ببشارة النيل المبارك، وجاءت القاعدة ستة أذرع وعشرة أصابع، وكانت فى العام الماضى أرجح