للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك على جان بردى الغزالى نائب الشام، ولولا تدارب (١) القاضى ولىّ الدين وفعل ذلك كان قتله الغزالى لا محالة. وكان وقع بينه وبين الغزالى وحشة عظيمة وهمّ بقتله عدّة مرار، وسبب ذلك قيل إن الغزالى قبض على شخص من المسافرين فوجد معه ثلاث مطالعات متوجّها بها إلى عند الخندكار: أحدها بخطّ القاضىّ ولىّ الدين القاضى الشافعى، وأخرى من عند شخص يقال له المظفرى شيخ المدرسة التى أنشأها الخندكار بدمشق، والأخرى من عند نائب قلعة دمشق. فكان من مضمون تلك المطالعات عدة شكاوى إلى الخندكار فى الغزالى نائب الشام، فإنه قد أظهر العصيان وهو عمّال فى يرق عظيم، وقد التفّ عليه جماعة كثيرة من المماليك الجراكسة، فلما بلغ ذلك للقاضى ولىّ الدين فرّ من الشام واختفى حتى ولى قضاء حلب وأمره مشهور، وصار الغزالى فى قهر من القاضى ولىّ الدين، وقيل إنه شنق المظفرى وشنق الهجّان الذى وجد معه تلك المطالعات، ولو ظفر بالقاضى ولىّ الدين لشنقه أيضا.

وفى يوم الجمعة خامس عشره توفى محبّ الدين بن البلبيسى أحد نوّاب الشافعية، وكان لا بأس به. - وفى يوم الاثنين ثامن عشره توفيت زوجة المقر الشهابى أحمد ابن الجيعان، وكانت جركسية الجنس تدعى شهددار، وكانت مبدعة فى الحسن والجمال من أجمل النساء حسنا، فافتتن بها المقر الشهابى أحمد بن الجيعان حتى أشغلته عن أمور أحوال المملكة. قيل إنها كانت تحسن الضرب بالسبع آلات المطربة وهى: الجنك والعود والسنطير والقانون (٢) والدريج والكمنجا (٣) والصينى.

وكان أصل شهددار هذه من جوارى (٤) ابنة الأمير يشبك من مهدى الدوادار الكبير، فادّءت أنها معتوقة، فتزوّجها الشهابى أحمد بن الجيعان، وأمهرها بمائتى دينار ودخل عليها، فأحبّها حبّا شديدا دون نسائه، وافتتن بها إلى الغاية، وأقامت عنده مدة طويلة، ثم تبيّن من بعد ذلك أنها فى رقّ ابنة الأمير يشبك الدوادار ولم تعتق، وصار الحقّ فيها إلى ابن بنت الأمير يشبك الدوادار الذى من قانى باى قرا أمير آخور كبير،


(١) تدارب: كذا فى الأصل، ولعله «تدارك».
(٢) والقانون: والقايون.
(٣) والكمنجا: والكمجا.
(٤) جوارى: جوار.