البحر الملح وعلى يده مراسيم من عند السلطان سليم خان بن عثمان، فكان من مضمونها أنه أرسل يطلب الأمير كمشبغا والى القاهرة، وقد بلغه ما فتحه من أبواب المظالم بمصر، وقد كثرت فيه الشكاوى من الناس عند الخندكار، فطلبه من ملك الأمراء عدّة مرار وهو يناسى به، فلما رأى الطلب حثيثا فى أمره فما وسعه إلا أنه أرسله، فخرج على وجهه فى أثناء هذا الشهر وسافر إلى إسطنبول من البرّ دون البحر.
وكان من وسائط السوء ظالما غاشما عسوفا سفاكا للدماء استباح أموال المسلمين ودمائهم، فلم يتأسّف لحروجه أحد من الناس، وفرح غالب الناس لخروجه من مصر.
وكان أصل كمشبغا هذا من مماليك ملك الأمراء، رومىّ الجنس سيّئ الخلق شديد البأس، فلهج الناس بعدم عوده إلى مصر.
وفى يوم الثلاثاء خامسه توفيت الست فضل العزيز ابنة القاضى أبو البقا بن الجيعان، وكانت فضل العزيز يومئذ متزوّجة بالشيخ عبد المجيد بن الطرينى، فكان لها جنازة مشهودة. - ومن الحوادث الشنيعة ما وقع للشيخ عبد المجيد بن الطرينى بسبب القتيل الذى قتل واتّهموا به جماعة الشيخ عبد المجيد، واتسعت هذه الكاينة حتى كاد أن تخرب ديار الشيخ عبد المجيد فى هذه الحركة، وأمرها مشهور بين الناس بما وقع له بسبب ذلك فى المحلّة واتّصل خبرها بملك الأمراء، وكان من أمرها ما يطول شرحه، وتعصّب لأبى الصبى الذى قتل الشيخ عبد الله بن الغمرى، وآل أمر هذه الكاينة إلى مال له صورة غرمه الشيخ عبد المجيد بن الطرينى.
وفيه قدمت الأخبار من دمشق بأن نائبها الأمير جان بردى الغزالى تغيّر خاطره على قاضى القضاة الشافعى بها ولىّ الدين محمد بن قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن فرفور الدمشقى، فهمّ بقتل القاضى ولىّ الدين غير ما مرّة، ففرّ منه واختفى مدّة طويلة، ثم ظهر من بعد ذلك بمدينة حلب. قيل إنه كاتب السلطان ابن عثمان بما وقع له مع الغزالى، فأرسل إليه مرسومه بأن يلى قضاء الشافعية بحلب، فاستقرّ بها وأرسل أحضر عياله وأولاده من دمشق، وتزوّج بالست حلب زوجة القاضى كاتب السر محمود بن أجا، وصار صاحب الحلّ والعقد بمدينة حلب. فشقّ