للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى يوم الجمعة سادس عشره خطب فى مدرسة الست خديجة ابنة الدرهم ونصف التى بالقرب من جامع التركمانى عند طاحون السدر، فاجتمع هناك قضاة القضاة الأربعة وأعيان المباشرين وأعيان الناس، وخطب بها فى ذلك اليوم قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل، وكان ذلك اليوم مشهودا. وكان أصل هذه المدرسة قاعة إنشاء ابن الدرهم ونصف، ثم بدا لابنته خديجة أن تجعلها مدرسة فأنشأت بها المحراب وجعلت بها مئذنة (١)، وجعلت بها خلاوى للصوفة، وجعلت بها منبرا، ثم إنها أوقفت عليها جميع جهاتها المخلّفة عن والدها، فجاءت من محاسن الزمان، وكان ذلك عين الصواب، وقصدت بذلك ابتغاء الأجر والثواب.

وفى هذا الشهر قدم جماعة كثيرة من إسطنبول ممن كان قد نفى إليها من أعيان الديار المصرية، منهم: كمال الدين بن معين الموقّع، وابن نصر الله، ومرعى الذى كان من جماعة الأتابكى سودون العجمى، وأحمد الضيروتى، وحضر محمد بن فرو شيخ جهات الأميرية (٢)، وحضر محمد بن قطارة الذى كان من جماعة المحتسب، وحضر محمد بن إبراهيم الذى كان متحدثا على الزمامية، وحضر محمد بن القاضى فخر الدين ابن العفيف الدى كان كاتب المماليك، وحضر محمد بن على كاتب الخزانة، وحضر ابن العمريطى، وحسام الدين بواب الدهيشة وآخرون منهم لم يحضرنى أسماؤهم الآن، والكل فرّوا من إسطنبول من غير إذن من الخندكار ابن عثمان، وحضر جماعة من السيوفية والحدّادين والنجّارين والبنّائين والمرخّمين وغير ذلك ممن كان توجّه إلى إسطنبول، فحضروا الكل هاربين من غير علم الخندكار.

فلما حضروا أشيع بموت ابن شقيرة التاجر الذى من سوق مرجوش، وأشيع بموت جماعة كثيرة هناك من أعيان أهل مصر. وقبل ذلك قدمت الأخبار بوفاة جانى بك دوادار الأمير طراباى، وكان من وسائط السوء، وتوفى محمد بن يوسف الذى كان ناظر الأوقاف، وكان من وسائط السوء أيضا، وتوفى محمد المسكى الذى كان


(١) مئذنة: ماذنه.
(٢) الأميرية: كذا فى الأصل، ولعله يعنى «المطرية». انظر فيما سبق ج ٤ ص ٢٢٩ س ٤ - ٧.