للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتفّ عليه جماعة كثيرة من التركمان، وكان هذا جلال المتهدى من قرية بالروم يقال لها أق شرى بوز، فكان بينه وبين الأمير على بن سوار وقعة مهولة قتل بها من التركمان نحو ثلاثة آلاف إنسان، وأشيع أن الأمير على بن سوار قد جرح فى وجهه بطبر وهرب واختفى، وانتصر ابن سوار على ذلك الخارجى الذى يقال له جلال المتهدى وفرّ منه إلى بلاده. فأخلع ملك الأمراء على الهجّان الذى أتى بهذا الخبر، ثم خمدت هذه الإشاعة كأنما لم تكن.

وفى ليلة الخميس خامس عشره خسف جرم القمر وأظلمت الدنيا، فأقام فى ذلك الخسوف نحو ساعة، ثم انجلى عنه ذلك الخسوف. - وفى يوم الخميس خامس عشره قبض القاضى بركات بن موسى المحتسب على أخى محمد بن خبيز وضربه ضربا مبرحا حتى كاد أن يهلك، ثم أشهره فى بولاق، وكان سبب ذلك أنه حجّر على بيع الفول وصار يشتريه على ذمّته ويخزنه، فشطح سعر الفول فى تلك الأيام. وكان أخوه محمد ابن خبيز متحدّثا فى أمر الغلال التى (١) ترد من البلاد قاطبة، وكان محتميا بالأمير جانم الحمزاوى فجار على الناس بسبب بيع الغلال، فحنق منه القاضى بركات المحتسب وضربه كما تقدّم.

ومن الحوادث الشنيعة أن ملك الأمراء كان سعّر الذهب العثمانى بأن يصرف بأشرفين من غير زيادة على ذلك، وكان يصرف قبل ذلك بأشرفين وخمسة أنصاف، وصار البيع بيعين، بيع بالذهب، وبيع بالفضة، فوقفت أحوال الناس بسبب ذلك.

ثم [إن] ملك الأمراء نادى فى القاهرة بأن لا أحد من الناس لا يردّ معاملة الفضة، وكل من ردّها شنق من غير معاودة، وكانت الفضة يومئذ فى غاية الغشّ كلها نحاس إذا باتت ليلة تنكشف كلها، فكانت الأنكشارية تدخل الأسواق وترمى تلك الفضة النحاس على التجّار، فكل من ردّ منها شيئا تنهب دكانه ويضرب ذلك التجار حتى يأخذها غصبا على رغم أنفه فيأخذون (٢) منه أشرفيا ذهبا ويعطونه (٣) أشرفين من تلك الفضة النحاس، فحصل للناس من ذلك غاية الضرر الشامل.


(١) التى: الذى.
(٢) فيأخذون: فيأخذوا.
(٣) ويعطونه: ويعطوه.