للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحب الصابون الأمير قايتباى الدوادار تعلّق بلجام فرسه وقصّ عليه خبره، وكان الأنكشارى ضرب صاحب الصابون حتى أدمى (١) وجهه، فأرسل الأمير قايتباى مع مع صاحب الصابون بعض مماليكه إلى الأنكشارى لعله يعطى صاحب الصابون شيئا فوق ذلك القدر، فلما قابل ذلك المملوك الأنكشارى أغلظ عليه المملوك فى القول، فحنق منه ذلك الأنكشارى فضرب المملوك على وجهه أدماه، ثم إن المملوك ضرب الأنكشارى بدبوس على وجهه فأدماه، فاتسعت الفتنة بينهما فمضى الأنكشارى إلى أصحابه وأعلمهم بما جرى له مع مملوك الدوادار، فاجتمع الجمّ الغفير من الأنكشارية وتوجّهوا إلى بيت الأمير قايتباى الدوادار وهجموا عليه وبأيديهم سيوف مسلولة، وقصدوا أن يحرقوا بيته وينهبوه فاختفى منهم، فلما بلغ ذلك الكاخية أغات الأنكشارية ركب وردّ الأنكشارية وخمّد تلك الفتنة.

فلما بلغ ذلك إلى ملك الأمراء شقّ عليه ولام الأمير قايتباى الدوادار على ما فعله، ثم إن ملك الأمراء أرسل طلب مملوك الدوادار الذى ضرب الأنكشارى وأثار هذه الفتنة، فلما مثل بين يديه أمر بضربه فضرب ضربا مبرحا وسجن بالعرقانة، فسكن ذلك الاضطراب قليلا. وصار الأمير قايتباى على رأسه طيرة من الأنكشارية وهو مهدّد بالقتل منهم فى كل يوم، وزعم الأنكشارى الذى ضرب أن سقط منه خنجر مفضّض وسيف وادّعى أن كان معه ثلاثون دينارا فسقطت منه، فدفع إليه الأمير قايتباى عما (٢) أشيع عشرين دينارا هكذا قيل، وصار الأمير قايتباى لا يأمن على نفسه أن يطلع القلعة وحده، وصار يركب فى كل يوم ومعه جماعة كثيرة من المماليك الجراكسة، ويتوجّه إلى قبة يشبك التى بالمطرية ويقيم بها إلى آخر النهار، ثم يعود إلى داره ومعه المماليك الجراكسة فاستمرّ على ذلك أياما، ثم خمدت تلك الفتنة ولله الحمد.

وفى يوم الجمعة تاسعه قدمت الأخبار من حلب بأن خارجيا من التركمان يقال له جلال المتهدى قد تصدّى لمحاربة الأمير على بن شاه سوار،


(١) أدمى: أدما.
(٢) عما: عنما.