للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى يوم الأحد تاسعه خرج القاضى بركات بن موسى المحتسب إلى مساحة بلاد الصعيد واستخراج المغل الذى بها، وكانت هذه وظيفة الأمير يشبك الدوادار والأمير أقبردى الدوادار وغيرهما من الدوادارية، فخرج فى موكب حفل وقدّامه الأنكشارية يرمون بالنفوط، وسافر معه جماعة من المماليك الجراكسة، وفتك فى أمر السنيح والخيام والبرك ما عجز عنه من الأمراء المقدّمين، وقد ساعدته الأقدار على بلوغ الأوطار، ورأى من العزّ والعظمة فى دولة ابن عثمان ما لا رآه فى دولة السلطان الغورى.

وفى يوم الخميس ثالث عشره توفى الشيخ الصالح المعتقد عبد الرحمن البهنساوى، الذى كان مقيما بالمدرسة البرقوقية، وكان للناس فيه اعتقاد. - وفيه عرض ملك الأمراء خاير بك طيلان الرأس نوبة، وضربه بين يديه بالمقارع ثانيا، وسبب ذلك أنه تأخّر عليه ألفا دينار (١) مما كان تقرّر عليه من المال الذى يردّه، ثم بعد الضرب أرسله إلى سجن الديلم فأقام به.

وفيه قبض ملك الأمراء على جماعة من اليهود من معلّمين (٢) دار الضرب ومن الصيارف، وسبب ذلك أن معاملة السلطان ابن عثمان فى الذهب والفضة قد فسدت، وصارت كلها غشّ وزغل، فقبض على معلّم دار الضرب وألزمه بأن يرد إلى الخزائن الشريفة مائة ألف دينار، أو أن معلّمين (٢) دار الضرب قاطبة يتوجّهون إلى نحو إسطنبول أو يلتزمون بإصلاح المعاملة، فلما جرى ذلك أغلظوا عليه جماعة من اليهود وقالوا له:

أرنا مرسوم الخندكار إن كان أرسل يطلبنا إلى إسطنبول. وأقاموا أياما فى السجن بالقلعة حتى يكون من أمرهم ما يكون.

وقد تغيّر خاطر ملك الأمراء على الأمير كمشبغا والى القاهرة، فحنق كمشبغا من ملك الأمراء، فلما نزل من عنده أغلق بابه وطرد النقباء عن بابه وشال دكّته، وأقام أياما لم يخرج من بيته، فنزل إليه الأمير جانم الحمزاوى وطلع به إلى ملك الأمراء وقابل به، فأخلع عليه قفطان مخمل ونزل إلى داره على عادته، بعد ما كان أشيع وقوع فتنة عظيمة، وقيل إنه أورد إلى ملك الأمراء ستة آلاف دينار. - وفيه أشيع أن


(١) ألفا دينار: ألفين دينار.
(٢) معلمين: كذا فى الأصل.